إلينا قتلة عثمان ، وأعد الأمر شورى بين المسلمين ليتّفقوا على من هو لله رضا! فلا بيعة لك في أعناقنا ولا طاعة لك علينا ، ولا عتبى لك عندنا! وليس لك ولا لأصحابك عندي إلّا السيف! وو الذي لا إله إلّا هو لأطلبنّ قتلة عثمان أين كانوا وحيث كانوا حتى أقتلهم أو تلتحق روحي بالله!
فأمّا ما لا تزال تمنّ به من سابقتك وجهادك ؛ فإني وجدت الله سبحانه يقول : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(١) ولو نظرت في حال نفسك لوجدتها أشدّ الأنفس امتنانا على الله بعملها! وإذا كان الامتنان على السائل يبطل أجر الصدقة فالامتنان على الله يبطل أجر الجهاد ويجعله : (كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ)» (٢).
فلما وصل هذا الكتاب إلى علي عليهالسلام مع أبي إمامة الباهلي ، كلّم أبا إمامة بنحو ما كلّم به الخولاني قبله ، ثمّ كتب لمعاوية هذا الجواب :
وجوابه مع الباهلي :
«أما بعد ، فقد أتاني كتابك تذكر فيه اصطفاء الله محمدا صلىاللهعليهوآله لدينه ، وتأييده إيّاه بمن أيّده به من أصحابه! فقد خبّأ لنا الدهر منك عجبا إذ طفقت تخبرنا ببلاء الله تعالى عندنا ونعمته علينا في نبيّنا! فكنت في ذلك كناقل التمر إلى هجر ، أو كداعي مسدّده إلى النّضال!
__________________
(١) الحجرات : ١٧.
(٢) البقرة : ٢٦٤.