فالتفت معاوية إلى عمرو وقال له : يا أبا عبد الله أتراه ما منعه من الكلام معك؟ أظنّك تقول : إنه هاب جوابك! لا والله! ولكنّه ازدراك واستحقرك ولم يرك للكلام أهلا! أما رأيت إقباله عليّ دونك! ونهض معاوية وتفرق القوم (١).
وابن درّاج على الخراج والصفايا وهدايا النوروز والمهرجان :
مرّ الخبر عن المغيرة أنّه غيّر رأي معاوية في استعماله عبد الله بن عمرو بن العاص على الكوفة ، فصرفها عنه إلى المغيرة ، وظنّ به ابن العاص ذلك فحذّر معاوية أن يولّي المغيرة غير الصلاة على الأموال. وكان من موالي معاوية رجل يدعى عبد الله بن درّاج وتدرّج هذا لديه حتّى ولّاه خراج العراق وأمره أن يحمل إليه أموالها ، فاستدرج ابن درّاج بعض الدهاقين حتّى أعلموه أنه : كان لآل كسرى سوى ما كان يجري مجرى الخراج : صوافي يجتبون أموالها لأنفسهم ، فكتب بذلك إلى معاوية ، فكتب إليه : أن أحص تلك الصوافي واستصفها لي واضرب عليها المسنيّات. فسأل الدهاقين عن ديوان ذلك فأخبروه أنه كان في حلوان ، فبعث من يأتيه به واتي به ، فاستخرج منه كل ما كان لآل كسرى وضرب عليها المسنيّات واستصفاها لمعاوية ، فبلغت جبايته من أرض الكوفة وسوادها : خمسين ألف ألف (مليون) درهما! وأمره أن يحمل إليه هداياهم في عيدي النوروز والمهرجان (٢) فكانت عشرة آلاف ألف.
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ٦ : ٢٩٥ ـ ٢٩٧ عن المدائني البصري.
(٢) النوروز : أي اليوم الجديد في رأس السنة الفارسية ، والمهرجان معرّب : مهرگان : اليوم الأول من شهر مهر في منتصف السنة الفارسية ، ثمّ أطلقت الكلمة على الاحتفالات الكبرى.