ثمّ ارجع إليك إن شاء الله. وظنّ الإمام عليهالسلام أنّ ذلك كما يقول فأذن له ، فترك ولديه بالكوفة ورحل منها إلى حضرموت اليمن.
وكان الناس في حضرموت اليمن أحزابا وشيعا : فشيعة لعثمان وأخرى لعلي عليهالسلام ، ومكث وائل هناك حتى دخل بسر بن أبي أرطاة صنعاء ، فكتب إليه : أمّا بعد ، فإنّ شيعة عثمان في بلادنا شطر أهلها ، فأقدم علينا ، فإنّه ليس بحضرموت أحد يردّك عنها ولا ينصب لك فيها!
فأقبل بسر من صنعاء إلى حضرموت بمن معه ، فاستقبله وائل في مخلاف شنوءة الأزد فاعطاه عشرة آلاف ، وكلّمه بشأن حضرموت فقال له : ما تريد؟ قال : اريد أن أقتل ربع حضرموت!
وكان وائل يعادي رجلا من أقيالهم يدعى عبد الله بن ثوابة ، فقال وائل لبسر : إن كنت تريد قتلا فاقتل عبد الله بن ثوابة فهو من رجالهم ، وكان عبد الله قد استولى على حصن كان الأحباش قد بنوه من قبل وكان بناء معجبا لم ير في ذلك الزمان مثله. فجاءه بسر حتّى أحاط بحصنه فدعاه إليه ، فنزل إليه وأتاه فقال لأصحابه : اضربوا عنقه! قال : أتريد قتلي؟! قال : نعم ، قال : فدعني أصلّي ركعتين ، فأذن له فصلّاهما ودعا ، ثمّ قدّمه فضرب عنقه وصادر أمواله ، وكانت مائة وخمسين عينا!
وبلغ الإمام عليهالسلام مكاتبة وائل لبسر فأمر بارتهان ولديه فحبسهما عنده (١).
خبر بسر عند الأمير عليهالسلام :
وقدم زرارة بن قيس الشاذي الهمداني (٢) على الإمام عليهالسلام فأخبره خبر غارة
__________________
(١) الغارات ٢ : ٦٣٠ ـ ٦٣١.
(٢) وفي أنساب الأشراف ٢ : ٣٥٣ ، الحديث ٥٢٢ : أنّه قيس بن زرارة وأنّه كان عينا للإمام بالشام وقدم عليه بخبر بسر ، أو قدم كتابه به.