وغزونا تبوك مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فودّع عليّ النبي على ثنيّة الوداع وبكى ، فقال له النبي : ما يبكيك؟ فقال : كيف لا أبكي ولم أتخلّف عنك في غزاة منذ بعثك الله تعالى ، فما بالك تخلفني في هذه الغزاة؟
فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنه لا نبيّ بعدي؟
فقال علي : بلى قد رضيت (١).
وابن عباس ومعاوية :
قال اليعقوبي : وزاره عبد الله بن العباس في جماعة من بني هاشم ، وكلّموه في أمورهم ، فقال لهم :
أما ترضون ـ يا بني هاشم ـ أن نقرّ عليكم دماءكم وقد قتلتم عثمان حتّى تقولوا ما تقولون؟! فو الله لأنتم أحلّ دما من فلان وفلان وأعظم لهم في القول!
فقال له ابن عباس : كلّ ما قلت لنا ـ يا معاوية ـ من شرّ بين دفّتيك! وأنت والله أولى بذلك منّا : أنت قتلت عثمان ثمّ قمت تغمص على الناس أنك تطلب بدمه! فانكسر معاوية! فقال ابن عباس : والله ما رأيتك صدقت إلّا فزعت وانكسرت! فضحك معاوية ... ولم يقض لهم حاجة (٢).
وكان ابن عباس يجلس بعلمه للناس ، وقد اجتمع حوله حلقة من قريش ، ومرّ عليهم معاوية فقاموا له إلّا ابن عباس ، فتوقّف وقال له : يا ابن عباس ؛ ما منعك من القيام كما قام أصحابك إلّا موجدة عليّ بقتالي إياكم في صفّين! يا ابن عباس إن ابن عمي عثمان قتل مظلوما! وكأنه يستثيره بها!
__________________
(١) أمالي الطوسي : ١٧٠ م ٦ ، الحديث ٣٩ عن المفيد وليس في أماليه.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٢٣.