وقال معاوية لجرير : اكتب إلى صاحبك أن يجعل لي الشام وجباية مصر ، ولا يلزمني ببيعة لأحد بعده ، فأكتب إليه بالخلافة واسلّم له هذا الأمر!
فقال جرير : اكتب بما أردت وأكتب معك. فكتب معاوية بذلك إلى علي عليهالسلام.
فكتب عليّ إلى جرير : أما بعد ، فإنما أراد معاوية أن لا يكون لي بيعة في عنقه ، وأن يبقيك حتى يذوق أهل الشام ... ولا يراني الله أتّخذ المضلّين عضدا ، فإن بايعك الرجل ، وإلّا فأقبل» (١).
معاوية وشرحبيل الكندي :
ولفّف معاوية الرجال لشرحبيل يدخلون إليه ويعظّمون عنده قتل عثمان ويرمون به عليا ، ويقيمون له الشهادة الباطلة وكتبا مختلقة ، حتى شحذوا عزمه (٢).
فدخل على معاوية ـ وعنده جرير ـ فقال لمعاوية : أنت عامل أمير المؤمنين (عثمان) وابن عمّه ، فإن كنت رجلا تجاهد عليا وقتلة عثمان حتى ندرك بثأرنا أو تفنى أرواحنا استعملناك علينا ، وإلّا عزلناك واستعملنا غيرك ممّن نريد! ثمّ جاهدنا معه حتى ندرك بدم عثمان أو نهلك!
فقال له جرير : يا شرحبيل ، مهلا فإن الله قد حقن الدماء ولمّ الشعث وجمع أمر الامة ودنا من هذه الأمة سكون ؛ فإياك أن تفسد بين الناس ، وأمسك عن هذا القول قبل أن يظهر منك قول لا تستطيع ردّه. فقال : لا والله لا أسرّه أبدا (٣).
وبعث معاوية إليه : إنه كان من إجابتك الحقّ وما وقع أجرك فيه على الله! وقبله عنك صلحاء الناس ما علمت ، وإنّ هذا الأمر الذي قد عرفته لا يتمّ إلّا
__________________
(١) وقعة صفين : ٥٢.
(٢) وقعة صفين : ٤٩.
(٣) وقعة صفين : ٥٢.