وكان أبو أيّوب الأنصاري وذو الشهادتين خزيمة بن ثابت من شيوخ الأنصار حضورا فقالوا لسهل بن حنيف : قم يا سهل فأجب أمير المؤمنين عن جماعتنا ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال له :
يا أمير المؤمنين ، نحن سلم لمن سالمت وحرب لمن حاربت ورأينا رأيك ، ونحن كفّ يمينك! وقد رأينا أن تقوم بهذا الأمر في أهل الكوفة فتخبرهم بما صنع الله لهم من الفضل في ذلك ؛ وتأمرهم بالشخوص ، فإنهم هم أهل البلد وهم الناس ، فإن استقاموا لك استقام لك الذي تريد وتطلب. وأما نحن فليس منّا خلاف عليك ، متى دعوتنا أجبناك ، ومتى أمرتنا أطعناك (١).
إعلان العزم على الجهاد :
ثمّ إنّ عليا عليهالسلام صعد المنبر ، فبدأ بالحمد له والثناء عليه ثمّ قال : إن الله قد أكرمكم بدينه ، وخلقكم لعبادته ، فانصبوا أنفسكم في أداء حقّه فتنجّزوا موعوده ، واعلموا أن الله جعل أمراس دينه متينة ، وعراه وثيقة ، ثمّ جعل الطاعة حظّ الأنفس برضاه وغنيمة الأكياس عند تفريط الفجرة.
وقد حمّلت أمر أسودها وأحمرها ولا قوة إلّا بالله.
ونحن سائرون ـ إن شاء الله ـ إلى من سفه نفسه وتناول ما ليس له ولا يدركه : معاوية وجنده الفئة الباغية ، يقودهم ابليس ويبرق لهم ببارق تسويفه ويدلّهم بغروره.
__________________
(١) وقعة صفين : ٩٢ ـ ٩٤ ، وكأنّ سهلا يخاف عليه ما كان من أهل البصرة على أخيه قبل هذا!