فقام عمار بن ياسر فحمد الله وذكره بما هو أهله ثمّ قال : يا أمير المؤمنين ؛ إن استطعت أن لا تقيم يوما واحدا فافعل واشخص بنا قبل استعار نار الفجرة ، واجتماع رأيهم على الصدود والفرقة ، فادعهم إلى رشدهم وحظّهم ، فإن قبلوا سعدوا ، وإن أبوا إلّا حربنا فو الله إنّ سفك دمائهم والجدّ في جهادهم لقربة عند الله وكرامة منه!
وقام هاشم المرقال الزهري فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثمّ قال : أما بعد ـ يا أمير المؤمنين ـ فأنا بالقوم جدّ خبير : هم لك ولأشياعك أعداء ، ولمن يطلب حرث الدنيا أولياء! وهم مقاتلوك ومجاهدوك لا يبقون جهدا ؛ مشاحّة على الدنيا وضنّا بما في أيديهم منها ، وليس لهم إربة غيرها إلّا ما يخدعون به الجهّال من الطلب بدم عثمان بن عفّان ، كذبوا ليس بدمه يثأرون ولكنّ الدنيا يطلبون.
فسر بنا إليهم ، فإن أجابوا إلى الحق (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ)(١) وإن أبوا إلّا الشقاق فذلك الظنّ بهم ، والله ما أراهم يبايعون وفيهم أحد يسمع إذا أمر أو يطاع إذا نهى!
ثمّ قام قيس بن سعد ـ وكان جسيما خفيف اللحية ـ فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال :
يا أمير المؤمنين ؛ انكمش بنا إلى عدوّنا ولا تعرّج ، فو الله لجهادهم أحبّ إليّ من جهاد الترك والروم! لإدهانهم في دين الله واستذلالهم أولياء الله من أصحاب محمد من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان. إذا غضبوا على رجل حبسوه أو ضربوه أو حرموه أو سيّروه! وفيئنا لهم حلال في أنفسهم ونحن لهم فيما يزعمون قطين (عبيد).
__________________
(١) يونس : ٣٢.