من سنة إلى سنة! فأنا أصنع كما صنع خليلي رسول الله صلىاللهعليهوآله. فكان يعطيهم من الجمعة إلى الجمعة ، ثمّ ينضح بيت المال ويتنفّل فيه ويخاطبه يقول : اشهد لي يوم القيامة أنّي لم أحبس المال على المسلمين فيك (١) وفي آخر : أنّ ذلك كان في عشيّة كلّ خميس (٢).
وأخوه عقيل عنده ثمّ عند عدوّه :
ويبدو لي أنّ عقيل بن أبي طالب طلب عطاء أخيه الإمام في هذا العام فقدم الكوفة ودخل عليه بالمسجد الجامع حتّى وقف عليه وقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله. فقال الإمام : وعليك السلام يا أبا يزيد ، ثمّ التفت إلى ابنه الحسن عليهالسلام فقال له : قم وأنزل عمّك.
فقام الحسن إلى عمّه عقيل وذهب به حتّى أنزله وعاد إلى أبيه ، فقال له : اشتر له نعلا جديدا وإزارا وقميصا جديدا ورداء جديدا ، فذهب الحسن عليهالسلام واشترى لعمّه ذلك وقدّمها إليه.
فلما حضر العشاء فإذا هو خبز وملح! فقال عقيل : ليس إلّا ما أرى (أي أجد)؟! فقال عليّ : أو ليس هذا من نعمة الله؟ فله الحمد كثيرا.
ثمّ قال له عقيل : أعطني ما أقضى به ديني وعجّل سراحي أرحل عنك! قال : فكم دينك يا أبا يزيد؟ قال : مائة ألف درهم! قال : والله ما هي عندي وما أملكها! ولكن اصبر حتّى يخرج عطائي فأواسيكه ، ولو لا أنّه لا بدّ للعيال من شيء لأعطيتك كلّه. فقال له عقيل : وكم عطاؤك وما عسى يكون لو أعطيتنيه كله؟! أتسوّفني إلى عطائك وبيت المال في يدك؟! فقال : ما أنت فيه وأنا إلّا بمنزلة رجل من المسلمين!
__________________
(١) الغارات ١ : ٤٧ ـ ٥٠ بأسناده ، ولم نجد جمعا بين توزيعه كلّ جمعة وبين أربع مرات في العام.
(٢) الغارات ١ : ٦٩.