فخرج سفيان في ستّة آلاف يلزم جانب الفرات ، فأسرع سيره بهم إلى هيت ، وبلغهم أنّه يغشاهم فعبروا الفرات وقطعوا جسورهم فوطأ هيت وما بها أحد. وهكذا مرّ على صندوداء ، وبلغ أهل الأنبار أخباره فخرج إليه أهل السلاح فيها ، فلمّا دنا منها أخذ غلمانا منها فأخبروه أنّ عدّة رجال المسلحة بها خمسمائة رجل ولكنّه قد رجع كثير منهم إلى الكوفة متبدّدين وقد بقي منهم مائتان.
فروى الثقفي ، عن جندب بن عفيف الأزدي قال : كنت في جند الأنبار مع أشرس بن حسان البكري ، إذ صبّحنا سفيان بن عوف في كتائب تلمع الأبصار منها ، وقد تفرّقنا فلم يبق نصفنا ، وخرج إليهم صاحبنا وايم الله لقد قاتلناهم فأحسنّا قتالهم ، ثمّ نزل صاحبنا وقال لنا :
من كان لا يريد لقاء الله ولا يطيب نفسا بالموت فليخرج عن القرية ما دمنا نقاتلهم ، فإنّ قتالنا إيّاهم شاغل لهم عن طلب هارب ، ومن أراد ما عند الله فما عند الله خير للأبرار! ثمّ نزل فنزل معه ثلاثون رجلا منّا فاستقدم هو وأصحابه فقاتلوا حتّى قتلوا ، فلمّا قتلوا انهزمنا (١).
ودخل سفيان وجنوده الأنبار فحملوا ما كان فيها من أموال أهلها ، ثمّ انصرفوا (٢).
ردّ الغامدي وخطب للإمام :
ولمّا أغار سفيان بن عوف على الأنبار قدم رجل من أهلها على علي عليهالسلام فأخبره خبره ، فخطب فقال :
__________________
(١) الغارات ٢ : ٤٦٤ ـ ٤٧٠.
(٢) الغارات ٢ : ٤٦٨ ، وفي الطبري ٥ : ١٣٤ عن المدائني ، عن عوانة بن الحكم.