فقال له معاوية : يا ابن العاص لقد أهمّك ما أهمّك! (أي أهمّه أمر مصر لما أهمّه من أمر موعده).
ثم قال معاوية للآخرين : وأنتم ما ترون؟ قالوا : نرى ما رأى عمرو!
قال معاوية : إنّ عمرا قد عزم وصرم ولم يبيّن كيف نصنع؟
فقال عمرو : فإنّي اشير عليك كيف تصنع : أرى أن تبعث جيشا كثيفا ، عليهم رجل صارم تأمنه وتثق به ، فيأتي مصر فيدخلها ، فإنّه سيأتيه من كان من أهلها على مثل رأينا ، فيظاهره على من كان بها من عدوّنا ، فإن اجتمع بها جندك ومن كان بها من شيعتك على من بها من أهل حربك ، رجوت أن يعزّ الله نصرك ويظهر فلجك!
فقال معاوية : أمّا أنا فإنّي أرى أن نكاتب من كان بها من شيعتنا ومن كان بها من عدوّنا ، فندعوهم إلى صلحنا ونمنّيهم شكرنا ونخوّفهم حربنا ، فإن صلح لنا ما قبلهم بغير حرب ولا قتال فذلك ما أحببنا ، وإلّا فحربهم بين أيدينا.
فقال له عمرو : فاعمل بما أراك الله! فو الله ما أرى أمرك وأمرهم يصير إلّا إلى الحرب العوان (١).
كتاب معاوية إلى معارضة مصر :
وكان رأس المعارضة في مصر مسلمة بن مخلّد الأنصاري ، ومعاوية بن حديج الكندي السكوني أو السكسكي ، وكانا قد ناصبا محمد بن أبي بكر الحرب وهم يهابون الإقدام عليه حتى أتى خبر الحكمين فاجترءوا عليه ونابذوه ، فبعث إليهم رجلا من بليّ فقاتلوه فقتلوه ، وآخر من كلب فقاتلوه وقتلوه (٢).
__________________
(١) الغارات ١ : ٢٧٠ ـ ٢٧٤ ، وفي الطبري ٥ : ٩٧ ـ ٩٩ عن أبي مخنف بسنده.
(٢) أنساب الأشراف ٢ : ٣٠٣ خ ٤٨٣.