برضا العامة. فسر في مدائن الشام وناد فيهم بأنّ عليا قتل عثمان ، وأنه يجب على المسلمين أن يطلبوا بدمه!
وكان متألّها ناسكا مأمونا لدى أهل الشام ، فبدأ بأهل بلده حمص قام فيهم فقال لهم :
يا أيها الناس ، إن عليا قتل عثمان بن عفّان ، وقد غضب له قوم (بالبصرة) فقتلهم وهزمهم وغلب على الأرض ولم يبق إلّا الشام ، وهو واضع سيفه على عاتقه ثمّ خائض به غمار الموت إليكم ، أو يحدث الله أمرا ، ولا نجد أحدا أقوى على قتاله من معاوية ، فجدّوا.
فقام إليه أمثاله من نسّاك حمص فقالوا له : أنت أعلم بما ترى (وأما نحن) فبيوتنا مساجدنا وقبورنا! ولكن أجابه سائر الناس!
ثمّ جعل شرحبيل لا يأتي على قوم من مدائن الشام إلّا قبلوا منه ما أتاهم به حتى استفرغها (١).
واستبطأ أمير المؤمنين عليهالسلام جرير عند معاوية فكتب إليه : «أما بعد فإذا أتاك كتابي هذا فاحمل معاوية على الفصل وخذه بالأمر الجزم ، فخيّره بين حرب مجلية أو سلم محظية ، فإن اختار الحرب فانبذ له ، وإن اختار السلم فخذ بيعته» (٢).
فهل يستعدّ الإمام لحربهم؟ :
وكأنّ الإمام عليهالسلام حيث استبطأ رجوع جرير بالجواب شاور بعض أصحابه في حرب الشام ، فأشاروا عليه بالمقام ذلك العام ، وسمع بذلك الأشتر النخعي
__________________
(١) وقعة صفين : ٥٠ ـ ٥١.
(٢) وفي نهج البلاغة ك ٨ ، ومصادره في المعجم المفهرس : ١٣٩٤.