حديث الشقشقيّة (١) :
يبدو أنّ ابن عباس في لقائه هذا بالإمام عليهالسلام خرج معه يوما إلى الرّحبة (٢) ، وكان عنده إذ ذكرت الخلافة وتقدّم من تقدّم عليه فيها ، فتنفّس الصّعداء ثمّ قال :
أما والله لقد تقمّصها ابن أبي قحافة أخو تيم ، وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرّحى : ينحدر عنّي السيل ولا يرقى إليّ الطير ، فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء (مقطوعة : بلا قوّة) أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتّى يلقى ربّه؟ فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجا : أرى تراثي نهبا.
حتّى إذا مضى الأوّل لسبيله عقدها لأخي عديّ (عمر) بعده! فيا عجبا! بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته «لشدّ ما تشطّرا ضرعيها» :
«شتّان ما يومى على كورها |
|
ويوم حيّان أخي جابر» (٣) |
__________________
(١) في أقدم ما بأيدينا من مصادرنا أورد الخبر الصدوق أوّلا في ج ١ من علل الشرائع ، الباب ٢٢ : العلة التي من أجلها ترك أمير المؤمنين عليهالسلام مجاهدة أهل الخلاف الحديث ١٢ بطريقين ، عن عكرمة عن ابن عباس نفسه ثمّ في معاني الأخبار باب معاني خطبة لأمير المؤمنين عليهالسلام : ٣٦٠ بالسندين نفسهما ، فهو أوّل من سمّاها خطبة! ولم تكن خطبة عامّة! ثمّ عنونها الرضي في نهج البلاغة خ ٣ : ومن خطبة له عليهالسلام المعروفة بالشقشقية ، ومصادرها في المعجم : ١٣٧٧. ورواها الطوسي في الأمالي : ٣٧٢ ، الحديث ١٣٢٥٤ بسندين عن الباقر عن آبائه عليهمالسلام وعن ابن عباس بلا عكرمة.
(٢) الرحبة : قرية على مرحلة (٤ فراسخ ـ ٢٠ كم تقريبا) من الكوفة نحو القادسية. مراصد الاطلاع : ٦٠٨.
(٣) للأعشى.