فالتفت معاوية لبسر وقال له : أتقوم لمبارزته؟! قال : ما أحد أحقّ بها منك ، وإذ أبيتموه فأنا له! فقال له معاوية : أما إنّك ستلقاه في العجاجة غدا في أوّل الخيل.
وفي أول الغداة غدا الإمام عليهالسلام ومعه الأشتر منقطعا عن خيله ... فاستقبله بسر وهو مقنّع بالحديد لا يعرف وناداه : أبرز إليّ أبا حسن! وكان معه خيله.
فانحدر إليه على توئدة غير مكترث ، حتّى إذا قاربه طعنه فألقاه على الأرض وكان دارعا فمنع الدرع أن يصل السنان إليه ، وأراد بسر أن يكشف (عورته) يدفع بها عن نفسه بأسه! فانصرف عنه علي عليهالسلام مستدبرا له.
وعرفه الأشتر فقال : يا أمير المؤمنين هذا بسر بن أبي أرطاة عدوّ الله وعدوّك! فقال : أبعد أن فعلها؟! دعه فعليه لعنة الله ، وقام بسر من طعنة عليّ مولّيا وولى من معه من الخيل ، فناداه عليّ : يا بسر ، معاوية كان أحقّ بها منك.
محاولة أخرى لوقف القتال :
وخرج رجل من أهل الشام باتّجاه الإمام عليهالسلام وناداه : يا أبا الحسن يا علي ابرز إليّ!
فخرج إليه الإمام عليهالسلام حتى إذا اختلفت أعناق دابّتيهما بين الصفّين. فقال الرجل : يا علي ، إنّ لك قدما في الإسلام وهجرة ، فهل لك في أمر أعرضه عليك يكون فيه حقن هذه الدماء وتأخير هذه الحروب حتّى ترى من رأيك؟ فقال له الإمام عليهالسلام : وما ذاك؟ قال : ترجع إلى عراقك فنخلّي بينك وبين العراق ، ونرجع إلى شامنا فتخلّي بيننا وبين شامنا!
فقال له علي عليهالسلام : لقد عرفت أنك إنما عرضت هذا نصيحة وشفقة ، ولقد أهمّني هذا الأمر وأسهرني ، وضربت أنفه وعينيه فلم أجد إلّا القتال أو الكفر بما أنزل الله على محمد صلىاللهعليهوآله! إنّ الله تبارك وتعالى لم يرض من أوليائه أن يعصى في الأرض