إلّا على إقامة الدنيا ليكونوا فيها ملوكا جبابرة ، فلو ظهروا عليكم ـ لا أراهم الله ظهورا ولا سرورا ـ إذا ألزموكم مثل سعيد والوليد وعبد الله بن عامر السفيه ، يحدّث أحدهم في مجلسه بذيت وذيت ، ويأخذ مال الله ويقول : هذا لي ولا إثم عليّ فيه! كأنما أعطي تراثه من أبيه! وإنما هو مال الله أفاءه الله علينا بأسيافنا ورماحنا.
عباد الله ، قاتلوا القوم الظالمين ، الحاكمين بغير ما أنزل الله ، ولا تأخذكم في جهادهم لومة لائم ، إنهم إن يظهروا عليكم يفسدوا دينكم ودنياكم ، فهم من قد عرفتم وجرّبتم ، والله ما أرادوا بهذا إلّا شرّا. وأستغفر الله العظيم لي ولكم (١).
وكان اليوم التاسع من صفر من الأيام العظيمة ذي الأهوال الشديدة في صفّين (٢).
وأخرج الإمام عليهالسلام مصحفا ورفعه ونادى : من يذهب بهذا المصحف إلى هؤلاء القوم فيدعوهم إلى ما فيه؟ فأقبل فتى اسمه سعيد بن قيس فقال : أنا صاحبه! فأعادها علي عليهالسلام فسكت الناس وأقبل الفتى فقال : أنا صاحبه! فناوله الإمام إياه فقبضه بيده وذهب به إلى معاوية فدعاهم إلى ما فيه ، فقتلوه (٣).
حجر الخير وحجر الشر :
مرّ أن الحجر بن عديّ الكندي كان على كندة الكوفة ، وكان له ابن عم يدعى حجر بن يزيد وكان مع الإمام عليهالسلام في الجمل ، ولكنّه انفصل عنه عليهالسلام واتّصل بمعاوية في صفين فسمّى حجر الشرّ.
__________________
(١) وقعة صفين : ٢٤٧ ـ ٢٤٨.
(٢) وقعة صفين : ٢٤٣ وطبع : السابع ، تصحيف.
(٣) وقعة صفين : ٢٤٤ ـ ٢٤٥.