أما بعد ، فإني أبرأ إليكم ـ وإلى أهل الذمة (١) ـ من معرّة الجيش إلّا من جوعة إلى شبعة ، ومن فقر إلى غنى ، أو من عمى إلى هدى ، فإنّ ذلك عليهم.
فاعزلوا الناس عن الظلم والعدوان ، وخذوا على أيدي سفهائكم ، واحترسوا أن تعملوا أعمالا لا يرضى الله بها عنّا فيردّ علينا وعليكم دعاءنا ، فإن الله تعالى يقول : (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) وإن الله إذا مقت قوما من السماء هلكوا في الأرض.
فلا تألوا أنفسكم خيرا ، ولا الجند حسن سيرة ، ولا الرعيّة معونة ، ولا دين الله قوة ، وأبلوا في سبيله ما استوجب عليكم ، فإن الله قد اصطنع عندنا وعندكم ما علينا أن نشكره بجهدنا ، وأن ننصره ما بلغت قوّتنا. ولا حول ولا قوّة إلّا بالله». وكتب أبو ثروان (٢).
وإلى الجنود :
وكتب إلى جنوده بعد البسملة : «من عبد الله عليّ أمير المؤمنين ، أما بعد ، فإنّ الله جعلكم جميعا في الحقّ سواء أسودكم وأحمركم ، وجعلكم من الوالي وجعل الوالي منكم بمنزلة الوالد من الولد والولد من الوالد ، ما سمعتم وأطعتم وقضيتم الذي عليكم.
وإن حقكم عليه إنصافكم ، والتعديل بينكم ، والكفّ عن فيئكم.
__________________
(١) ذلك أن أكثر من يمرّون بهم هم من أهل الذمّة نصارى أو مجوس أو يهود ، وسيأتي خبر عنهم.
(٢) وقعة صفين : ١٢٥ ولم يعرف أبو ثروان. والآية هي الأخيرة في سورة الفرقان.