يا أهل هذا الحصن! إني أقسم بالله لئن مضى أمير المؤمنين ولم تجسروا له عند مدينتكم حتّى يعبر منها ، لاجردنّ فيكم السيف فلأقتلنّ مقاتلتكم ولاخربنّ أرضكم ولآخذنّ أموالكم!
فلقي بعضهم بعضا وقالوا : إن الأشتر يفي بما يقول! فبعثوا إليه : إنا ناصبون لكم جسرا. ونصبوا الجسر ، ثمّ أمر الإمام الأشتر أن يقف في ثلاثة آلاف فارس حتّى يعبر كلّهم ، ثمّ عبر هو آخر الناس (١).
وقدّم المقدّمة أيضا :
ولما عبر الإمام الفرات دعا مقدمته السابقة شريحا وزيادا فسرّحهما أيضا أمامه نحو معاوية في حالهما السابقة (باثني عشر ألفا). ولما بلغ ذلك معاوية بعث أبا الأعور سفيان بن عمرو السلمي بمقدمته ، فالتقى الجمعان في قرية بعد الرّقة تدعى سور الروم ، فبعث زياد الحارثي إلى علي عليهالسلام : أنّا قد لقينا أبا الأعور السّلمي بسور الروم في جند من أهل الشام فدعوناه وأصحابه إلى الدخول في طاعتك فأبوا علينا فمرنا بأمرك. حيث لم يأمرهم بقتال. فأرسل الإمام إلى الأشتر قال : «يا مالك ، إن زيادا وشريحا أرسلا إليّ يعلماني أنهما لقيا أبا الأعور السلمي بسور الروم في جند من أهل الشام ، ونبّأني الرسول (الحارث بن جهمان الجعفي) أنه تركهم متواقفين ، فالنجاء النّجاء إلى أصحابك ، فإذا أتيتهم فأنت عليهم ، وإياك أن تبدأ القوم بقتال إلّا أن يبدءوك ، حتّى تلقاهم وتسمع منهم ، ولا يجرمنك شنآنهم على قتالهم قبل دعائهم والإعذار إليهم مرّة بعد مرّة. واجعل على ميمنتك زيادا وعلى ميسرتك شريحا وقف في وسط أصحابك ، ولا تدن منهم دنو من يريد أن ينشب الحرب ، ولا تتباعد منهم تباعد من يهاب البأس. حتّى أقدم عليك ، فإني حثيث السير إليك إن شاء الله».
__________________
(١) وقعة صفين : ١٥١ ، ١٥٢.