ثمّ ما شعروا بشيء دون أن خلّى علي عليهالسلام سبيل أسرى الشاميين في العراقيين ، فأتوا معاوية ... فأمر بتخلية من في يديه من أسرى العراقيين ، وقال لعمرو : يا عمرو ، لو أطعناك في هؤلاء الأسرى لوقعنا في قبيح من الأمر! ألا تراه كيف خلّى سبيل أسرانا (١)!
ولما دفن الناس قتلاهم أمر الإمام الحارث الأعور فنادى فيهم بالرحيل (٢)
الإمام عليهالسلام إلى الكوفة :
ورحل الإمام عليهالسلام إلى الكوفة من غير الطريق الذي أقبل منه ، على برّ شاطئ الفرات ، حتّى انتهى إلى هيت ثمّ صندوداء فبات بها (٣).
فروى الطبري عن أبي مخنف : أن الإمام عليهالسلام حين انصرف عائدا من صفّين ردّ الأشتر على عمله بالجزيرة (الموصل) (٤) فيبدو أن ذلك كان هنا ، ولذا لا يأتي ذكره في أخبار رجوعه عليهالسلام.
ثم أغذّ في السير حتّى تجاوز النخيلة فمرّ بشيخ مريض فسلّم عليه ثمّ قال له : أرى وجهك متغيرا أمن مرض؟ قال : نعم. قال : أليس تحتسب الخير فيما أصابك؟ قال : بلى ، قال : فأبشر برحمة ربك وغفران ذنبك. فإذا هو صالح بن سليم الطائي يجاور بني سليم. ثمّ سأله الإمام قال : أخبرني ما يقول الناس فيما كان بيننا وبين أهل الشام؟ قال : منهم المسرور مما كان بينك وبينهم واولئك أغشّاء الناس ، ومنهم المكبوت الآسف لما كان من ذلك واولئك نصحاء الناس لك. فقال له : صدقت ،
__________________
(١) وقعة صفين : ٥١٨.
(٢) الطبري ٥ : ٥٩.
(٣) وقعة صفين : ٥٢٨.
(٤) تاريخ الطبري ٥ : ٩٥.