لا يعقّب له حكم ، ولا يردّ له قضاء ، ولا يردّ بأسه عن القوم المجرمين! وقد بلغني تحزّبكم وشقاقكم ، وإعراضكم عن دينكم ، وتوثّبكم بعد الطاعة وإعطاء البيعة والألفة! فسألت أهل الحجى والدين الخالص والورع الصادق واللب الراجح عن بدء مخرجكم وما نويتم به وما أحمشكم له ، فحدّثت عن ذلك بما لم أر لكم في شيء منه عذرا مبيّنا ولا مقالا جميلا ولا حجّة ظاهرة.
فإذا أتاكم رسولي فتفرّقوا وانصرفوا إلى رحالكم أعف عنكم ، واتقوا الله وارجعوا إلى الطاعة أصفح عن جاهلكم واحفظ عن قاصيكم ، وأقوم فيكم بالقسط وأعمل فيكم بكتاب الله.
وإن أبيتم ولم تفعلوا فاستعدّوا لقدوم جيش جمّ الفرسان عريض الأركان ، يقصد لمن عصى وطغى ، فتطحنوا طحنا كطحن الرحى! فمن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها ، وما ربك بظلّام للعبيد ، ألا فلا يحمد حامد إلّا ربّه ، ولا يلم لائم إلّا نفسه ، والسلام عليكم.
ووجّه الكتاب مع رجل من همدان ، وقدم رسوله بالكتاب فلم يجيبوه ، فقال لهم : إنّي تركت أمير المؤمنين يريد أن يوجّه إليكم يزيد بن قيس (الأرحبي الهمداني) في جيش كثيف ، ولم يمنعه إلّا انتظار ما يبلغه عنكم! فقالوا : نحن سامعون مطيعون إن عزل عنّا عبيد الله وسعيدا! فرجع الرسول بذلك إلى الإمام فأخبره خبرهم (١).
بسر إلى المدينة :
ولكنّهم كتبوا كتابا إلى معاوية يخبرونه بخبرهم وخبر توجيه الإمام إليهم بيزيد بن قيس الأرحبي وقالوا :
__________________
(١) الغارات ٢ : ٥٩٢ ـ ٥٩٧ عن أبي روث الهمداني.