خروج بني ناجية وتعقيبهم :
روى الثقفي ، عن المدائني ، عن عبد الله بن فقيم أو قعين : أنّه كان عند الإمام عليهالسلام فقال له : ادن منّي ، فدنا منه فقال له سرّا : اذهب إلى منزل الرجل (الخرّيت بن راشد) فاعلم لي ما فعل؟
فذهب عبد الله إلى منزل الخرّيت وقومه فدار على دورهم فإذا ليس فيها داع ولا مجيب وليس منهم في منزله ديّار! فعاد إلى الإمام عليهالسلام.
فلمّا رآه الإمام قال له : أأمنوا فقطنوا أم جبنوا فظعنوا؟ فقال : بل ظعنوا! قال : أبعدهم الله كما بعدت ثمود! أما والله لو قد اشرعت لهم الأسنّة وصبّت على هاماتهم السيوف فإنّهم ليندمون إنّ الشيطان قد استهواهم فأضلّهم ، وهو غدا متبرّئ منهم ومخلّ عنهم.
فقام إليه زياد بن خصفة التيمي البكري فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّه لو لم يكن من مضرّة هؤلاء إلّا فراقهم إيّانا ، لم يعظم فقدهم علينا فنأسى عليهم ، فإنّهم قلّ ما يزيدون في عددنا لو أقاموا معنا ، ولقلّ ما ينقصون من عددنا بخروجهم منّا ، ولكنّا نخاف أن يفسدوا علينا جماعة كثيرة ممّن يقدمون عليهم من أهل طاعتك ، فأذن لي في اتباعهم حتى أردّهم عليك إن شاء الله.
فقال له الإمام عليهالسلام : اخرج في آثارهم راشدا ، ثمّ قال له : وهل تدري أين توجّه القوم؟
فقال : لا ، ولكنّي أخرج فأسأل واتّبع الأثر. فقال له : فاخرج رحمك الله حتّى تنزل دير أبي موسى (بعد النخيلة) ثمّ لا تبرحه حتّى يأتيك أمري ، فإنّهم إن كانوا قد خرجوا ظاهرين بارزين للناس في جماعة فإنّ عمّالي سيكتبون بذلك إليّ ، وإن كانوا متفرّقين مستخفين فذلك أخفى لهم ، وسأكتب إلى عمّال من حولي فيهم ، ثمّ كتب إليهم :