هل حجّ ابن العاص ولقى الإمام عليهالسلام؟ :
ذلك أن عمرا لم يعمّر بعد عودته إلى فسطاطه بمصره بعد هدنة الإمام عليهالسلام إلّا أقل من ثلاث سنين ، إذ توفّي في عيد الفطر عام (٤٣ ه) ، ونقل عنه لقاء بالمساءة للإمام عليهالسلام وهما في الإحرام أو في الطواف ببيت الله الحرام ، فلعلّه كان في أيام الموسم هذا العام.
قال للإمام عليهالسلام : يا حسن! أزعمت أن الدين لا يقوم إلّا بك وبأبيك؟! فقد رأيت الله أقامه بمعاوية؟! فجعله ثابتا بعد ميله وبيّنا بعد خفائه! أفيرضي الله قتل عثمان؟! أم من الحقّ أنّ تدور بالبيت كما يدور الجمل بالطحين! عليك ثياب كقشر البيض وأنت قاتل عثمان! والله إنّه لألمّ للشعث وأسهل للوعث أن يوردك معاوية حياض أبيك! وسكت.
فأجابه الإمام عليهالسلام قال له : إنّ لأهل النار علامات يعرفون بها وهي : الإلحاد في دين الله ، والموالاة لأعداء الله ، والانحراف عن دين الله. والله إنّك لتعلم أنّ عليّا عليهالسلام لم يتريّث في الأمر ، ولم يشكّ في الله طرفة عين ، وايم الله لتنتهينّ ـ يا ابن العاص ـ أو لأقرعنّ جبينك بكلام تبقى سبّة عليك ما حييت! وإياك والجرأة عليّ! فإني من عرفت لست بضعيف المغمز ولا بهشّ المشاشة (العظام) ولا بمريء المأكلة! وإني من قريش كأوسط القلادة ، معرق حسبي لا ادعى لغير أبي! وقد تحاكمت فيك رجال من قريش فغلب عليك ألأمها حسبا وأعظمها لعنة! (هو الأبتر) فإياك عنّي! فإنما أنت نجس! ونحن أهل بيت الطهارة أذهب الله عنّا الرجس وطهّرنا تطهيرا (١).
فأمّا ابن العاص فهو عاص لله في نهيه عن الجدال في الحجّ حتّى لو كان في
__________________
(١) المحاسن للبيهقي : ٨٦ وط ٢ : ٩٦ ، وعنه في الإمام المجتبى للمصطفوي : ٢٠٩.