في عباده ما يشاء (لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ)(١) فاحذر أن تكون منيّتك على يد رعاع من الناس! وأيأس من أن تجد فينا غميزة! وإن أنت أعرضت عمّا أنت فيه وبايعتني وفيت لك بما وعدت ، وأجزت لك ما شرطت! وأكون في ذلك كما قال أعشى بن قيس :
وإن أحد أسدى إليك أمانة |
|
فأوف بها ، تدعى ـ إذا متّ ـ وافيا |
ولا تحسد المولى إذا كان ذا غنى |
|
ولا تجفه إن كان في المال فانيا |
ثمّ الخلافة لك بعدي ، فأنت أولى الناس بها! والسلام».
فأجابه الحسن عليهالسلام : «أما بعد ، فقد وصل إليّ كتابك تذكر فيه ما ذكرت» واكتفى في جوابه بكلمة واحدة : «فاتّبع الحقّ تعلم أنّي من أهله والسلام» (٢).
ابن حرب يبدأ الحرب :
فلما وصل هذا الكتاب من الحسن عليهالسلام إلى الشام وقرأه معاوية فهم منه أن الإمام لا يبدأه الخصام فلا بدّ أن يبدأه هو ، فكتب نسخة واحدة إلى عمّاله على النواحي :
من معاوية أمير المؤمنين إلى فلان بن فلان ومن قبله من المسلمين ، سلام عليكم ، فإنّي أحمد إليكم الله الذي لا إله إلّا هو. أما بعد ، فالحمد لله الذي كفاكم مئونة عدوّكم وقتلة خليفتكم! إنّ الله بلطفه وحسن صنعه أتاح لعليّ بن أبي طالب رجلا من عباده! فاغتاله فقتله ، فترك أصحابه متفرّقين مختلفين. وقد جاءتنا كتب أشرافهم وقادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم وعشائرهم!
__________________
(١) الرعد : ٤١ ، وكأنه يزعم أن انتصاره بحكم الله القاهر جبرا.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٣٨ ، وفي مناقب آل أبي طالب ٤ : ٣٧ : فإنّك تعلم من أهله.