فناداهم ابن عباس : إنه ليس حكما لنا وإنما هو حكم لمعاوية أفتحتجون به علينا؟! وقد أراد أمير المؤمنين أن يبعثني فأكون له حكما فأبيتم عليه وقلتم : قد رضينا بأبي موسى الأشعري .. فاتّقوا ربكم وارجعوا إلى ما كنتم عليه من طاعة أمير المؤمنين ، فإنّه إن كان قاعدا عن طلب حقّه فإنما ينتظر انقضاء المدّة ثمّ يعود لمحاربة القوم ، وليس علي ممن يقعد عن حقّ جعله الله له (١)!
فصاحوا وقالوا : هيهات يا ابن عباس ، نحن لا نتولّى عليا بعد اليوم أبدا! فارجع إليه وقل له : فليخرج إلينا بنفسه حتّى نحتجّ عليه ونسمع كلامه (٢).
فخرج إليهم الإمام عليهالسلام :
عاد ابن عباس بكلام القوم إلى الإمام عليهالسلام ، فخرج إليهم على البغلة الشهباء
__________________
(١) هنا تخلّل الخبر ما ينافي صدره وذيله قال : وقد كان أبو موسى لعمري رضا في نفسه وصحبته وإسلامه وسابقته! غير أنه خدع فقال ما قال ، وليس يلزمنا من خديعة عمرو لأبي موسى.
(٢) كتاب الفتوح لابن الأعثم ٤ : ٨٩ ـ ٩٥ ولعلّ اعتماد هذا الخبر عن ابن عباس على الاحتجاج بكلامه لا بكلام الله في العمدة ، حمل بعض من سبق الرضيّ أن ينسب إلى عليّ عليهالسلام أن قال لابن عباس : لا تخاصمهم بالقرآن فإن القرآن حمّال ذو وجوه ، تقول ويقولون ؛ ولكن حاججهم بالسنّة ، فإنهم لم يجدوا عنها محيصا! وارتضاه الرضيّ في نهج البلاغة ك ٧٨. وهو كما ترى لا يتّسق مع ما سبق من احتجاجاته حتى الخبر الأخير ، فلا نرتضيه ، كما لا نرتضي اتهام المعتزلي الشافعي لابن عباس بأنّه لم يحاجهم حسب وصية الإمام عليهالسلام! وهو كثيرا ما يذكر مصدر خبر الخطب أو الكتب ولم يذكر لهذا الخبر أيّ مصدر سابق. شرح النهج ١٨ : ٧١ ـ ٧٣. والمحقق الأحمدي ذكر كثيرا من أخبار احتجاج ابن عباس ولم يذكر هذه الوصية إليه في كتابه : مواقف الشيعة ج ١ و ٢.