قال : أما تعلم أنّه قتل أهل النهر العبّاد الصالحين؟! قال : بلى ، قال : فنقتله بمن قتل من إخواننا! ولم يزل به حتّى أجابه ، وأخبرا قطام بذلك ، وأخبرتهم أنّها تضرب قبّة (خيمة) للاعتكاف في شهر رمضان في المسجد الأعظم (١).
وكان الأشعث الكندي جاء يوما ليدخل على الإمام عليهالسلام فردّه غلامه قنبر ، فرفع الكنديّ يده ولطم وجه قنبر فأدمى أنفه ، وارتفع صوتهما ، فخرج الإمام إليه وقال له : ما لي ولك يا أشعث! أما والله لو تمرّست بغلام ثقيف لاقشعرّت شعيراتك!
فلمّا أغلظ له الإمام عرّض الأشعث له بأن يفتك به! فأجابه الإمام عليهالسلام : أبا لموت تهدّدني؟ فو الله ما أبالي وقعت على الموت أو وقع الموت عليّ (٢)!
لذلك التقى به هؤلاء فألقوا إليه ما في أنفسهم من العزم على قتل الإمام عليهالسلام فواطأهم عليه (٣)!
ابن ملجم وبيعته الإمام لغزو الشام :
مرّ خبر خطبة الإمام عليهالسلام وإعلانه غزو الشام وعقده له الرايات لأكثر من ثلاثين ألفا ، وطبيعي أن يكون في هذه الأيّام يبايعه الناس لذلك ، وحشر المراديّ نفسه فيهم فجاء ليبايعه متظاهرا بذلك متستّرا بها على نفسه ، فردّه الإمام كما رووا
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ١٤٤ ـ ١٤٥.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٢٠ ـ ٢١ في خبرين ، وقال في الأول : قيل : يا أمير المؤمنين ومن غلام ثقيف؟ قال : غلام يليهم لا يبقى أهل بيت من العرب إلّا أدخلهم ذلّا! قيل : يا أمير المؤمنين ، كم يلي أو كم يمكث؟ قال : عشرين ، ثمّ قال : إن بلغها. فهو الحجّاج بن يوسف الثقفي عبد بني علاج من ثقيف.
(٣) الإرشاد ١ : ١٩ ، وفي مقاتل الطالبيين أنّ لقاء المرادي بالكندي كان في المسجد تلك الليلة.