ولم يرووا بأية حجّة ، فعاد المرادي مصرّا ، فردّه الإمام كذلك ، فعاود المرادي ثالثة ملحّا ، فلم يردّه الإمام وقبل بيعته ولكنّه قال عندها : ما يحبس أشقاها؟! فوالذي نفسي بيده لتخضبنّ هذه ـ وأشار إلى لحيته ـ من هذه وأشار إلى رأسه! وأنشد :
حيازيمك (١) للموت فإنّ الموت لاقيك |
|
ولا تجزع من الموت إذا حلّ بواديك |
كما أضحكك الدهر كذاك الدّهر يبكيك! |
فلمّا أدبر ابن ملجم منصرفا عنه عليهالسلام دعاه فتوثّق منه وأكّد عليه أن لا ينكث ولا يغدر! ففعل! ثمّ أدبر عنه ، فدعاه الثانية فتوثّق منه وأكّد عليه أن لا ينكث ولا يغدر! ففعل! ثمّ أدبر عنه ، فدعاه الثالثة فتوثّق منه وأكّد عليه أن لا ينكث ولا يغدر! فقال ابن ملجم : يا أمير المؤمنين! ما رأيتك فعلت هذا بأحد غيري!
فقال له : امض يا ابن ملجم ، فو الله ما أرى أن تفي بما قلت!
فطلب ابن ملجم من الإمام أن يأمر له بفرس يركبه! فنادى غلامه غزوان : يا غزوان ، احمله على الأشقر! فجاء غزوان إليه بفرسه الأشقر فحباه لابن ملجم حبوة (عطيّة) فأخذ ابن ملجم بعنانه وركبه وولى ، فتمثل الإمام منشدا شعر معد يكرب :
اريد حباءه ويريد قتلي |
|
عذيرك من خليلك من مراد (٢) |
__________________
(١) هنا زيادة كلمة : اشدد ، وهي زيادة على الوزن الشعري وليس من الضروري ، بل هي مضمرة مقدّرة.
(٢) الإرشاد ١ : ١١ ـ ١٣ بطرق ثلاثة وبهامشها مصادر اخرى عديدة ، وتمام الأخير قال : ولمّا ضرب أمير المؤمنين وخرج من المسجد قبض عليه وجيء به إليه فقال له فيما قال : والله لقد كنت أصنع إليك ما أصنع وأنا أعلم أنّك قاتلي ولكنّي كنت أفعل ذلك بك لأستظهر بالله عليك.