بالكتاب يكتبه والرسالة يبعثها يطلب أن ينفث بما في صدره من حال أبي بكر وعمر إمّا مكاتبة أو مراسلة ، فيجعل ذلك حجة عند أهل الشام على الإمام ، ويضيفه إلى ما قرّره في أنفسهم من ذنوبه كما زعم ، إذ كان قد اتّهمه عندهم بأنه قتل عثمان أو مالأ على قتله! وأنه قتل طلحة والزبير وأسر عائشة وأراق دماء أهل البصرة! وبقيت خصلة واحدة وهي : أن يثبت لهم أنه يتبرّأ من أبي بكر وعمر وينسبهما إلى مخالفة الرسول في أمر الخلافة ، وأنهما وثبا عليه غلبة وغصباها منه ظلما ، وكانت هذه الطامة الكبرى غير مقتصرة على فساد أهل الشام على الإمام بل وأهل العراق ، الذين هم جنده وبطانته وأنصاره ؛ لأنهم كانوا يعتقدون إمامة الشيخين ، إلّا القليل الشاذّ من خواصّ الشيعة.
فكتب ذلك الكتاب مع أبي مسلم الخولاني يقصد أن يغضب عليا ويحرجه ويحوجه ـ إذا قرأ ذكر أبي بكر وأنّه أفضل المسلمين ـ إلى أن يخلط في جوابه بكلمة تقتضي طعنا في أبي بكر! فكان الجواب غير بيّن ليس فيه تصريح بالتظليم لهما ولا التصريح ببراءتهما ؛ فتارة يقول : أخذا حقّي وقد تركته لهما ، وتارة يترحّم عليهما (١).
تحويل الجواب للخولاني :
روى البلاذري ، عن الكلبي ، عن أبي مخنف ، عن أبي روق الهمداني : أنّ الناس اجتمعوا في المسجد فقرئ عليهم كتاب معاوية ، فقالوا : كلنا كنّا منكرين لعمل عثمان فكلّنا قتلته! وجعل الخولاني يقول : الآن طاب الضراب (٢)!
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي الشافعي ١٥ : ١٨٤ ، ١٨٥.
(٢) أنساب الأشراف ٢ : ٢٧٧ و ٢٧٩.