الأصبغ مبعوثا ثالثا :
وكتب الإمام عليهالسلام إلى معاوية : «من عليّ إلى معاوية بن صخر ، أما بعد ، فقد أتاني كتاب امرئ ليس له نظر يهديه ولا قائد يرشده ، دعاه الهوى فأجابه وقاده الضلال فاتّبعه (١).
زعمت أنه أفسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان ، ولعمري ما كنت إلّا رجلا من المهاجرين أوردت كما أوردوا وأصدرت كما أصدروا ، وما كان الله ليجمعهم على ضلالة ولا ليضربهم بالعمى (٢) وما أمرت فتلزمني خطيئة الآمر ، ولا قتلت فيجب عليّ القصاص.
وأما قولك إن أهل الشام هم الحكّام على أهل الحجاز ، فهات رجلا من قريش الشام يقبل في الشورى أو تحل له الخلافة ، فإن زعمت ذلك كذّبك المهاجرون والأنصار ، وإلّا أتيتك به من قريش الحجاز.
وأمّا قولك : ادفع إلينا قتلة عثمان. فما أنت وعثمان؟! إنّما أنت رجل من بني أمية ، وبنو عثمان أولى بذلك منك. فإن زعمت أنك أقوى على دم أبيهم منهم ، فادخل في طاعتي ثمّ حاكم القوم إليّ أحملك وإيّاهم على المحجّة.
وأمّا تمييزك بين الشام والبصرة وبين طلحة والزبير. فلعمري ما الأمر فيما هناك إلّا واحد ؛ لأنها بيعة عامّة لا يثنّى فيها النظر ولا يستأنف فيها الخيار.
__________________
ـ حتى خفت أن يثوروا في ناحية عسكري ـ كتاب سليم بن قيس ٢ : ٧٢٠ ح ١٨ وتخريجه عن الكافي والخصال والتهذيب في ٣ : ٩٨١ ـ ٩٨٣.
(١) إلى هنا في نهج البلاغة ك ٧ ومصادره في المعجم المفهرس : ١٣٩٤ وفي شرح النهج للمعتزلي الشافعي ١٤ : ٤٢ : أنه كان جوابا لكتاب آخر من معاوية إليه عليهالسلام في أواخر حرب صفين ، وذكر كتاب معاوية.
(٢) في اجتماعهم على عزل عثمان.