فقال عليهالسلام : أما والله لو كان هذا قبل رفع المصاحف لأزلتهم عن عسكرهم أو تنفرد سالفتي (عنقي) قبل ذلك! ولكن انصرفوا راشدين ، فلعمري ما كنت لاعرّض قبيلة واحدة للناس (١).
ووساطة الأشعث ورسائل معاوية :
وجاء الأشعث بن قيس إلى الإمام عليهالسلام فقال : يا أمير المؤمنين ، ما أرى الناس إلّا وقد رضوا ، وسرّهم أن يجيبوا القوم إلى ما دعوهم إليه من حكم القرآن! فإن شئت ذهبت إلى معاوية أسأله ما يريد وأنظر ما الذي يسأل؟ قال عليهالسلام : إن شئت فأته.
فانطلق إليه وقال له : يا معاوية ، لأيّ شيء رفعتم هذه المصاحف؟
قال : لنرجع نحن وأنتم إلى ما أمر الله به في كتابه ، فابعثوا منكم رجلا ترضون به ، ونبعث منّا رجلا ، ثمّ نأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله لا يعدوانه ، ثمّ نتّبع ما اتّفقا عليه. فعاد إلى الإمام بالكلام (٢).
وأرسل معاوية إلى الإمام برسالة فيها : «إن الأمر قد طال بيننا وبينك ، وكلّ واحد منّا يرى أنّه على الحقّ فيما يطلب من صاحبه ، ولن يعطي واحد منّا الطاعة للآخر! وقد قتل فيما بيننا بشر كثير! وأنا أتخوّف أن يكون ما بقي أشدّ مما مضى ، وإنّا سوف نسأل عن هذا الموطن! ولا يحاسب به غيري وغيرك! فهل لك في أمر لنا ولك فيه براءة وحياة وعذر ، وصلاح للأمة وحقن للدماء ، وألفة للدين وذهاب للفتن والضغائن! أن يحكم بيننا وبينك حكمان رضيّان أحدهما من أصحابي والآخر
__________________
(١) وقعة صفين : ٥٢٠.
(٢) وقعة صفين : ٤٩٨ ـ ٤٩٩.