فقال لهم : قد جعلنا حكم القرآن بيننا وبينهم ، فلا يحلّ قتالهم حتّى ننظر بم يحكم القرآن (١)؟
ولعلّهم بالعمدة كانوا من قرّاء البصرة ، وكان على خيل البصرة سهل بن حنيف الأنصاري فانتصر لموقف الإمام عليهالسلام وقال لهم : يا هؤلاء القوم! اتهموا أنفسكم ؛ فإنا كنّا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم الحديبية. وجاء عمر فقال : يا رسول الله! ألسنا على الحقّ وهم على الباطل؟ قال : بلى ، قال : أو ليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال : بلى. قال : فعلام نعطي الدنيّة في ديننا (ألا) نرجع إلى ما يحكم الله بيننا وبينهم (بالسيف)؟!
فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا ابن الخطاب! إنّي رسول الله ولن يضيّعني الله!
فانطلق عمر مغضبا فأتى أبا بكر وقال له مثل ذلك ، فقال له أبو بكر مثل قول رسول الله.
ثمّ أنزل الله سورة الفتح فأرسل الرسول إلى عمر فدعاه وقرأها عليه فقال عمر : أهو فتح يا رسول الله؟ قال : نعم. ثمّ قال سهل لهؤلاء القرّاء (أجل) إنّ هذا فتح (٢).
ولكنّ عليا عليهالسلام عاد فقال : إنما فعلت ما فعلت لمّا بدا فيكم الفشل والخور (الضعف) وسمعه سعيد بن قيس الهمداني ، فانطلق فجمع قومه وجاء بهم إليه وقال له : يا أمير المؤمنين ، ها أنا ذا وقومي لا نرادّك ولا نردّ عليك ، فمرنا بما شئت!
__________________
(١) وقعة صفين : ٤٩٧.
(٢) شرح الأخبار للقاضي النعمان ٢ : ٥٢ ـ ٥٣ ، الحديث ٤١٥ عن شقيق بن سلمة الكوفي. وكان أخو سهل : عثمان بن حنيف قد قتل شهيدا يومئذ ، كما فيه أيضا ٢ : ٢٩ عن عبيد الله بن أبي رافع في تسمية من شهد مع عليّ حروبه. ومات سهل بعده بسنة ، كما سيأتي.