لحدثتكم بما سبق على لسان رسول الله لمن قتل هؤلاء (١)! أو قال : لو لا أنّني أخاف أن تتّكلوا وتتركوا العمل لأخبرتكم بما قضاه الله على لسان نبيه صلىاللهعليهوآله في من قاتل هؤلاء القوم مستبصرا بضلالتهم!
وإنّ فيهم لرجلا مودون اليد (دون اليد الطبيعيّة) له ثدي كثديّ المرأة! هم شرّ الخليقة ، وقاتلهم أقرب الخلق إلى الله وسيلة (٢)!
وبلغ معاوية فاستعدّ :
وبلغ معاوية : أن عليّا عليهالسلام بعد تحكّم الحكمين تحمّل مقبلا إليه ، فكتب وبعث إلى كور الشام نسخة واحدة قرئت عليهم : أما بعد ، فإنا كنا قد كتبنا بيننا وبين علي كتابا وشرطنا فيه شروطا وحكّمنا رجلين ، يحكمان علينا وعليه بحكم الكتاب لا يعدوانه ، وجعلنا عهد الله وميثاقه على من نكث العهد ولم يمض الحكم. وإنّ حكمي الذي حكّمته أثبتني وإن حكمه خلعه ، وقد أقبل (اليوم) إليكم ظالما (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ)(٣). فتجهّزوا للحرب بأحسن الجهاز ، وأعدّوا لها آلة القتال ، وأقبلوا خفافا وثقالا وكسالى ونشّاطا ، يسرّنا الله وإياكم لصالح الأعمال!
فاجتمع إليه ناس فاستشارهم وقال : إن عليا قد خرج إليكم من الكوفة وعهد العاهد به أنّه فارق النخيلة ، فما ترون؟
فقال له حبيب بن مسلمة الفهري : إني أرى أن نخرج حتّى ننزل منزلنا الذي كنا فيه (من صفّين) فإنه منزل مبارك : قد متّعنا الله به وأعطانا من عدونا فيه النصف!
وكان عمرو بن العاص حاضرا فقال : أما أنا فأرى لك أن تسير بالجنود
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي الشافعي ٢ : ٢٦٧ ـ ٢٦٨ عن كتاب صفين للواقدي.
(٢) الإرشاد للمفيد ١ : ٣١٦ ـ ٣١٧.
(٣) الفتح : ١٠.