فكأنّ المسيّب أراد أن يعتذر عن اعتراضه السابق فقال : والله ما يكبر علينا هذا الأمر إلّا أن تنتقصوا وتضاموا! فأمّا نحن فإنّهم سيبطلون مودّتنا بكلّ ما قدروا عليه. ولكنه مع ذلك عرض على الحسن عليهالسلام الرجوع عن عهده مرة اخرى! فقال عليهالسلام : ليس إلى ذلك سبيل!
ثم قال له الحسين عليهالسلام : يا مسيّب ، نحن نعلم أنك تحبّنا!
فروى الحسن عن أبيه عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «من أحبّ قوما كان معهم» (١).
الإمام في مجلس معاوية :
ذكر في «تذكرة الخواص» عن أهل السير : أن الإمام أقام يتجهّز إلى المدينة ، وبلغ ذلك أصحاب معاوية : عمرو بن العاص والوليد بن عقبة ، وعتبة بن الوليد بن عتبة المخزومي فقالوا لمعاوية : نريد أن تحضر الحسن على سبيل الزيارة قبل مسيره إلى المدينة ، لنخجله! وألحّوا عليه.
فأرسل معاوية إلى الحسن واستزاره. فلما حضر تحدثوا فتناولوا عليّا عليهالسلام بمرأى ومسمع من الحسن عليهالسلام ، وسكت حتّى فرغوا من كلامهم الفارغ ، فلما فرغوا بدأ الحسن عليهالسلام.
فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على رسوله محمد صلىاللهعليهوآله ثمّ قال لهم :
إن الذي أشرتم إليه بايع البيعتين وصلّى إلى القبلتين ، وأنتم بالجميع مشركون وبما أنزل الله على نبيّه كافرون!
وبات أمير المؤمنين يحرس رسول الله من المشركين وفداه بنفسه ليلة الهجرة حتّى أنزل الله فيه : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ)(٢).
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ١٦ : ١٦ عن المدائني.
(٢) البقرة : ٢٠٧.