واعلم أنك من الطلقاء الذين لا تحلّ لهم الخلافة ولا تعرض فيهم الشورى.
وقد أرسلت إليك والي من قبلك جرير بن عبد الله ، وهو من أهل الإيمان والهجرة ، فبايع ، ولا قوة إلّا بالله» (١).
وحين أراد أن يبعثه قال له : إنّ حولي من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله من أهل الدين والرأي من قد رأيت ، وقد اخترتك عليهم ... فأت معاوية بكتابي هذا ، فإن دخل في ما دخل فيه المسلمون ، وإلّا فانبذ إليه (الحرب) وأعلمه أني لا أرضى به أميرا! وأنّ العامّة لا ترضى به خليفة.
فروى ابن بكّار في «الموفّقيات» عن جرير البجلي قال : لمّا بعثني علي عليهالسلام إلى معاوية خرجت وأنا لا أرى أحدا سبقني إليه ، فقدمت عليه فوجدته قد علّق قميص عثمان وهو مخضوب بالدم على رمح وعليه أصابع زوجته نائلة بنت الفرافصة مقطوعة! والناس حوله يبكون وهو يخطبهم ، فدفعت إليه كتاب علي عليهالسلام.
فقال لي معاوية : إنّ الناس قد نفروا عند قتل عثمان قد نفروا فأقم حتّى يسكنوا. قال : فأقمت أربعة أشهر (٢).
خبر عمرو بن العاص :
وكان عمرو بن العاص معتزلا في فلسطين ، فكتب معاوية إليه : «أما بعد ، فإنه كان من أمر عليّ وطلحة والزبير ما قد بلغك ، وقد سقط إلينا مروان بن الحكم
__________________
(١) وقعة صفين : ٢٩ ، ٣٠ ، وفي نهج البلاغة ك ٦ ، ومصادره في المعجم المفهرس : ١٣٩٤.
(٢) شرح النهج للمعتزلي الشافعي ١٤ : ٣٩ وليس في الموفّقيات المنشور ، والخبر كما ترى لم يذكر هذه الشهور الأربعة ، وهو بعيد جدّا ؛ فإنّه سيأتي أنّ الإمام عليهالسلام إنّما مكث في الكوفة ثلاثة أشهر وخرج منها في أوائل شوال ، فلا يتلاءم معه إلّا أن يكون جرير قد أقام في الشام أربعة أسابيع لا شهورا ، ولا أقلّ من أربعة أسابيع اخرى للطريق.