ولأنه كان لم يبايع للإمام ولم يتابعه في الجمل قال الأشتر : والله إني لأظنّ أنّ هواه هواهم ونيّته نيّتهم ، فلا تصدّقه ، ودعه ولا تبعثه.
فقال الإمام : دعه ، حتى ننظر ما يرجع به إلينا.
وقال لكاتبه ابن أبي رافع القبطي أن يكتب له : «بسم الله الرحمنِ الرحيم ، أما بعد ، فإن بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام ؛ لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بويعوا عليه ، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يردّ ، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار ، فإذا اجتمعوا على رجل فسمّوه إماما كان ذلك لله رضا ، فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو رغبة ردّوه إلى ما خرج منه ، فإن أبى قاتلوه على اتّباعه غير سبيل المؤمنين ، وولّاه الله ما تولّى ويصليه جهنّم وساءت مصيرا (١).
وإن طلحة والزبير بايعاني ثمّ نقضا بيعتي ... فجاهدتهما على ذلك حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون.
فادخل في ما دخل فيه المسلمون ، فإنّ أحبّ الأمور إليّ فيك العافية إلّا أن تتعرض للبلاء ، فإن تعرّضت له قاتلتك واستعنت بالله عليك.
وقد أكثرت في قتلة عثمان ، فادخل في ما دخل فيه المسلمون ثمّ حاكم القوم إليّ أحملك وإيّاهم على كتاب الله. فأمّا تلك التي تريدها فخدعة الصبيّ عن اللبن! ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدنّي أبرأ قريش من دم عثمان.
__________________
(١) هذا الكلام من الإمام لمعاوية إنما هو من باب إلزام الخصم بما التزم ، ولا يعبّر عن نظر الإمام عليهالسلام في الإمامة بالضرورة ، فإنه كان يرى نصّ النبيّ عليه ، ولا إجماع مع النصّ ، فضلا عمّا إذا كان بخلافه ، ولكن لا احتمال لإذعان معاوية بالنصّ على علي عليهالسلام فلم يحتجّ به عليه.