وما يمنعك أن تقبل من مولاك وسيد المسلمين بعد نبيّهم مشورته؟ لقد كان من هو خير منك أبو بكر وعمر يستشيرانه ويعملان برأيه! فقال : إن مثلي لا يكلّم مثلك! فقال شريح : بأيّ أبويك ترغب عن كلامي ، بأبيك الحليف الدخيل أم بأمّك النابغة؟! فقام وانصرف (١).
الحكمان لموعد رمضان :
مرّ خبر كتاب التحكيم وفيه «أجل القضية إلى شهر رمضان» للسنة نفسها ، فلما قرب الموعد (٢) اختار إمام الأبرار شريح بن هانئ الحارثي الهمداني ومعه أربعمائة رجل من قومه ليكونوا مع أبي موسى الأشعري ، والكوفيون وإن لم يقبلوا بابن عمّ الإمام : عبد الله بن العباس حكما عنهم ، ولكنه عليهالسلام بعث به يلي أمورهم ويصلّي بهم وليس أبو موسى (٣)!
فجهّز شريح بن هانئ : أبا موسى جهازا حسنا ليشرّفه ويعظّم أمره في الناس وفي قومه (٤)!
فلما أراد السير قام شريح فأخذ بيد أبي موسى وقال له : يا أبا موسى ، إنّك قد نصبت لأمر عظيم لا يجبر صدعه ولا يستقال فتقه أو : ولا تستقال فلتته ،
__________________
(١) وقعة صفين : ٥٤٢ ـ ٥٤٣ رواها النضر بن صالح عن شريح الحارثي في غزوة سجستان ، ولعلّه تذكّرها وذكرها لابن صالح عند هلاك ابن العاص وانتشار الخبر عن ندمه الشديد عند احتضاره كما قال الإمام عليهالسلام.
(٢) وفي اليعقوبي ٢ : ١٩٠ : في شهر ربيع الأول سنة (٣٨ ه) ، وفي الطبري ٥ : ٧١ عن الواقدي : في شعبان سنة (٣٨ ه) وهما خلاف موعد كتاب التحكيم.
(٣) وقعة صفين : ٥٣٣.
(٤) وقعة صفين : ٥٣٥.