ومهما تقل شيئا لك أو عليك يثبت حقه وير صحّته وإن كان باطلا! وإنه لا بقاء لأهل العراق إن ملكها معاوية! و (لكن) لا بأس على أهل الشام إن ملكها عليّ! وقد كانت منك تثبيطة أيام قدمت الكوفة ، فإن تشفعها بمثلها يكن الظنّ بك يقينا والرجاء منك يأسا!
فقال أبو موسى : ما ينبغي لقوم اتهموني أن يرسلوني لأدفع عنهم باطلا أو أجرّ إليهم حقا!
فقال شريح : والله لقد تعجّلت رجال مساءتنا في أبي موسى وطعنوا عليه بسوء الظن ، والله عاصم منه إن شاء الله (١).
فقال الإمام عليهالسلام : يا أحنف ، إن الله بالغ أمره! قال : فمن ذلك نجزع يا أمير المؤمنين (٢)!
وبعث معاوية عمرو بن العاص في أربعمائة رجل (٣) مع شرحبيل بن السّمط الكندي في ذلك الخيل ، فشايعه حتّى إذا أمن من خيل أهل العراق قال في وداعه : يا عمرو ، إنك رجل من قريش ، وإنّ معاوية لم يبعثك إلّا ثقة بك ، وإنك لن تؤتى من عجز ولا مكيدة! وقد عرفت أني قد وطّأت لك ولصاحبك هذا الأمر ، فكن عند ظنّنا بك! ثمّ انصرف (٤).
ولما كانوا في أذرح ، كان يجيء رسول معاوية إلى عمرو بن العاص فلا يدري في أي شيء جاء ولا بأيّ شيء ذهب ، ولا يسمعون حول صاحبهم أي كلام أو لغط.
__________________
(١) وقعة صفين : ٥٣٤ ، وصدره في الإمامة والسياسة ١ : ١٣٣.
(٢) وقعة صفين : ٥٣٦ ـ ٥٣٧ ، وصدره في الإمامة والسياسة ١ : ١٣٤.
(٣) وقعة صفين : ٥٣٣.
(٤) وقعة صفين : ٥٣٦ ، وفي الإمامة والسياسة ١ : ١٣٥.