وأصبحنا لهم منابذين ، فإن يأتينا مدد من قبلك يفتح الله عليك! ولا قوة إلّا به ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ، والسلام عليك.
ورجع سبيع بهذا الكتاب إلى الشام ، وكان معاوية يومئذ في فلسطين فجاء به إليه.
فدعا معاوية اولئك النفر واستشارهم ما ذا يرون؟ فأثاروه لإرسال الرجال للقتال ، فأشار إلى عمرو بالإمرة وجهّز له ستة آلاف رجل ، وشايعه يودّعه ويوصيه وحمّله كتابا إلى محمد بن أبي بكر (١).
إرسال الأشتر إلى مصر :
مع انقضاء شهر رمضان انتهى تحكّم الحكمين في دومة الجندل بأذرح وعاد ابن عباس والأربعمائة من قوّات الإمام مع شريح بن هانئ الطائي إلى الكوفة ، وكان الخوارج قد أعلنوا خلافهم لتنفيذ التحكيم ، واليوم بلغ الإمام خبر هؤلاء الخوارج مع مسلمة وابن حديج بمصر ، وكان الإمام قد أرسل الأشتر إلى ولاية ثغر نصيبين ، ولكنّه كتب إليه اليوم :
أمّا بعد ، فإنّك ممّن أستظهر به على إقامة الدين ، وأقمع به نخوة الأثيم ، وأسدّ به الثغر المخوف. وقد كنت ولّيت محمد بن أبي بكر مصر ، فخرجت عليه خوارج (قبل وصول ابن العاص) وهو غلام حدث السن ، ليس بذي تجربة للحرب (عسكريا) ولا بمجرّب للأشياء (سياسيا) فاستخلف على عملك أهل الثقة والنصيحة ، وأقدم عليّ لننظر فيما ينبغي ، والسلام.
__________________
(١) الغارات ١ : ٢٧٤ ـ ٢٧٦ ، وتاريخ الطبري ٥ : ٩٩ ـ ١٠٠ الخبر السابق عن أبي مخنف بسنده ، ألفان من دمشق وعليهم يزيد بن أسد البجلي ، وألفان من الأردن وعليهم أبو الأعور السلمي ، وألفان من فلسطين وعليهم شمير الخثعمي كما في اليعقوبي ٢ : ١٩٤.