اجتماعهم وبيعتهم :
كان ذلك ما رواه أبو مخنف ، وقال الشعبي : لما قال لهم علي عليهالسلام : لقد فارقنا القوم على شيء فلا يجوز نقضه! انصرف القوم من فورهم إلى منزل عبد الله بن وهب الراسبي ـ وكان معهم ـ فذكروا من أصيب من أصحابهم في صفين مثل عمار بن ياسر العبسي ، وهاشم بن عتبة المرقال الزهري ، وخزيمة بن ثابت الأنصاري ، وأبي الهيثم بن التيهان وأشباههم ، وذكروا أمر الحكمين ، وكفّروا من رضي بالحكومة ، وبرئوا من علي عليهالسلام (١).
وخطبهم الراسبي ذو الثفنات فقال : أما بعد ، فو الله ما ينبغي لقوم يؤمنون بالرحمن وينيبون إلى حكم القرآن : أن تكون هذه الدنيا التي الرّضا بها والركون إليها والإيثار إيّاها عناء وتبار ـ آثر عندهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقول بالحقّ! وإن منّ وضرّ ، فإنه من يمنّ ويضرّ في هذه الدنيا فإن ثوابه يوم القيامة رضوان الله عزوجل والخلود في جناته.
فاخرجوا بنا ـ إخواننا ـ من هذه القرية الظالم أهلها إلى بعض كور الجبال أو إلى بعض هذه المدائن ، منكرين لهذه البدع المضلّة!
ثمّ خطبهم حرقوص فقال : إنّ المتاع بهذه الدنيا قليل ، والفراق لها وشيك ، فلا تدعونّكم زينتها وبهجتها إلى المقام بها ، ولا تلفتنّكم عن طلب الحقّ وإنكار الظلم ، فإن الله مع الذين اتّقوا والذين هم محسنون.
فقال حمزة الأسدي : يا قوم ، إنّ الرّأي ما رأيتم ، فولّوا أمركم رجلا منكم ، فإنّه لا بدّ لكم من عماد وسناد وراية تحفّون بها وترجعون إليها.
__________________
ـ السلمي وعبد الله بن وهب الراسبي ذا الثفنات ، وفروة بن نوفل الأشجعي. وكلام الإمام شهادة فيهم أنهم كانوا يريدون الدنيا ولم يكونوا مخلصين.
(١) أنساب الأشراف ٢ : ٣٥٩ ـ ٣٦٠ ، الحديث ٤٣٢.