بعض نواحي (الكوفة) فاستقدمه ، وبعث إلى ابن عباس بالبصرة فأقدمه ، ثمّ وجّه بهما في خيل (١) مع شريح بن هانئ الحارثي الهمداني.
فلما أراد أن يبعث بهم للحكومة دخل عليه حرقوص بن زهير السعدي التميمي مع زرعة بن البرج الطائي ، فقال له حرقوص : ارجع عن قضيّتك (بالتحكيم) وارجع بنا إلى عدوّنا نقاتلهم.
فقال الإمام عليهالسلام : قد أردتكم على ذلك فعصيتموني ، وقد كتبنا بيننا وبينهم كتابا وشرطنا شروطا ، وأعطينا عليها عهودنا ومواثيقنا ، وقد قال الله عزوجل : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ)(٢).
فقال حرقوص : ذلك ذنب ينبغي أن تتوب منه! فتب من خطيئتك وارجع عن قضيّتك.
فقال الإمام عليهالسلام : ما هو ذنب ، ولكنّه عجز في الرأي وضعف في العقل ، وقد تقدّمت إليكم فيما كان منه ونهيتكم عنه ... فاتّقوا الله عزوجل فإنّ الشيطان قد استهواكم ، إنّه لا خير لكم في دنيا تقاتلون عليها! فخرجا من عنده يقولان : لا حكم إلّا لله (٣)!
__________________
(١) أنساب الأشراف ٢ : ٣٤٦ عن المدائني ، عن التنوخي ، عن ابن مهران يحدث عمر بن عبد العزيز. وفيه : ٣٥٠ ، وفي تاريخ الطبري ٥ : ٦٦ كلاهما عن أبي مخنف : قدم عليه معن بن يزيد السلمي ، فما هنا في الأعلى.
(٢) النحل : ٩١.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٧٢ عن أبي مخنف ، وفي أنساب الأشراف ٢ : ٣٥٩ ، الحديث ٤٣١ عن الشعبي وزاد : حمزة بن سنان الأسدي ، وشريح بن أوفى العبسي ، وعبد الله بن شجرة