في كلّ شيء ، وإنما اغترّه بذلك ليقدّمه فيبدأ بخلع علي. أراده عمرو لمعاوية فأبى ، فأراده على ابنه فأبى ، وأراده الأشعري لصهره عبد الله فأبى عمرو ، ثمّ قال له : أخبرني ما رأيك؟ قال : رأيي أن أخلع هذين الرجلين عليّا ومعاوية ثمّ نجعل الأمر شورى بين المسلمين يختارون من أحبّوا ومن شاءوا! فقال عمرو : الرأي ما رأيت (١)!
تحكّم الحكمين :
وألقى أبو موسى إلى الناس : إنّ رأيي ورأي عمرو قد اتّفق على أمر نرجو أن يصلح الله به أمر هذه الأمة. وكذلك أوعز عمرو ، فاجتمع الناس.
فأقبلا إلى الناس وهم مجتمعون ... فقال عمرو : يا أبا موسى تكلّم. فتقدّم أبو موسى ليتكلّم ، فدعاه ابن عباس فقال له : ويحك! إني لأظنّه قد خدعك! إن كنتما قد اتفقتما على أمر فقدّمه قبلك فيتكلّم بذلك الأمر قبلك ثمّ تكلّم أنت بعده ، فإنّ عمرا رجل غدّار! ولا آمن أن يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه فإذا قمت به في الناس خالفك! فقال أبو موسى : إيها عنك ، إنّا قد اتّفقنا!
ثمّ تقدّم فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : يا أيّها الناس ؛ إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمّة فلم نر شيئا هو أصلح لأمرها وألمّ لشعثها من أن لا تتباين أمورها! وقد أجمع رأيي ورأي صاحبي عمرو على خلع عليّ ومعاوية! وأن نستقبل هذا الأمر فيكون شورى بين المسلمين فيولّون من أحبّوا! وإني قد خلعت عليا ومعاوية! فاستقبلوا أمركم وولّوا من رأيتم لها أهلا! ثمّ تنحّى فقعد.
__________________
(١) وقعة صفين : ٥٤٤ ـ ٥٤٥.