معاوية وابن عباس وابن العاص :
يظهر من خبر نقله الصدوق بسنده عن عبد الملك بن مروان : كأنه قد بلغ معاوية أنه لما بلغ عبد الله بن عباس استلحاق معاوية لزياد ، كان ممّن نفا زيادا عن ابن حرب ، ووفد ابن عباس على معاوية وعنده ابن العاص ، فقال له معاوية : يا بني هاشم ؛ بم تفخرون علينا أليس الأب والأم واحدا والدار والمولد واحدا؟!
فقال ابن عباس : نفخر عليكم بما أصبحت تفخر به على سائر قريش ، وتفخر قريش به على الأنصار ، وتفخر به الأنصار على سائر العرب ، وتفخر به العرب على العجم : برسول الله صلىاللهعليهوآله ، وبما لا تستطيع له إنكارا ولا منه فرارا!
فقال له معاوية : يا ابن عباس! لقد اعطيت لسانا ذلقا تكاد تغلب بباطلك حقّ سواك!
فقال ابن عباس : مه! فإنّ الباطل لا يغلب الحقّ ، ودع عنك الحسد فلبئس الشعار الحسد!
فصدّقه معاوية وقال له : أما والله إني لأحبّك لخصال أربع مع مغفرتي لك خصالا أربعا! فأمّا ما أحبّك له : فإنّك رجل من أسرتي وأهل بيتي ومن مصاص (خالص) عبد مناف ، والثانية : كان أبي خلًّا لأبيك! والثالثة : لقرابتك من رسول الله صلىاللهعليهوآله! والرابعة : أنك لسان قريش وزعيمها وفقيهها! والأربع التي غفرت لك : فإساءتك في خذلان عثمان فيمن أساء! ثمّ سعيك فيمن سعى على عائشة أم المؤمنين! ثمّ عدوك عليّ فيمن عدا بصفّين! ثمّ نفيك عنّي زيادا فيمن نفى! واستخرجت عذرك من كتاب الله عزوجل قوله : (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً)(١) وقال أخو بني ذبيان :
ولست بمستبق أخا لا تلمّه |
|
على شعث ، أيّ الرجال المهذّب؟ |
__________________
(١) التوبة : ١٠٢.