وقد قبلت فيك الأربع الأولى ، وغفرت لك الأربع الأخرى فكنت كما قال الأول :
سأقبل ممن قد أحبّ جميله |
|
وأغفر ما قد كان من غير ذلكا |
فحمد الله ابن عباس ثمّ قال : أما ما ذكرت أنك تحبّني لقرابتي من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فذلك الواجب عليك وعلى كل مسلم آمن بالله ورسوله ؛ لأنّه الأجر الذي سألكم رسول الله على ما آتاكم به من الضياء والبرهان المبين فقال عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)(١) فمن لم يحب رسول الله إلى ما سأله خاب وخزي وكبا في جهنّم! وأما صداقة أبيك لأبي فقد سبق فيه قول الأول :
سأحفظ من آخى أبي في حياته |
|
وأحفظه من بعده في الأقارب |
ولست لمن لا يحفظ العهد وامقا |
|
ولا هو عند النائبات بصاحب |
وأما أني رجل من اسرتك وأهل بيتك فذلك كذلك ... وأما أني لسان قريش وفقيهها وزعيمها فإنك قد اوتيتها (٢)!
وأما خذلان عثمان ، فقد خذله من كان أمسّ رحما به منّي (يعني معاوية) ولي في الأقربين والأبعدين أسوة ، وإني لم أعد عليه فيمن عدا بل كففت عنه كما كفّ أهل الحجى والمروّات!
وأما سعيي على عائشة ؛ فإنّ الله تعالى كان قد أمرها أن تقرّ في بيتها وتحتجب بسترها! فلمّا خالفت نبيّها وكشفت جلباب الحياء وسعنا ما كان إليها منّا!
__________________
(١) الشورى : ٢٣.
(٢) يستبعد أن يقرّ له ابن عباس بالفقه في الدين ، ولا يخفى أن الراوي عبد الملك الأموي.