فبدأ الإمام بتلاوة الآية : (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ)(١) ثمّ قال له : يا أخا بني نهد ، وهل هو إلّا رجل من المسلمين انتهك حرمة من حرم الله فأقمنا عليه حدا كان كفّارته! إنّ الله يقول : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)(٢) فاقتنع طارق بقوله وخرج من عنده مدافعا عنه (٣).
النجاشي والنهدي في الشام :
ولم يكن الأشتر حاضرا يومئذ ولكنّه سمع عنه عتابه للإمام ، ويبدو أنّ ذلك كان عند استدعاء الإمام له ليرسله إلى مصر ، فلمّا لقى الأشتر طارقا قال له : يا طارق ، أنت القائل لأمير المؤمنين : إنّك أو غرت صدورنا وشتّت أمورنا؟! فقال طارق : نعم ، أنا قلتها.
فقال الأشتر : وهو من اليمانية : والله ما ذاك كما قلت ، بل إنّ صدورنا له لسامعة ، وإنّ أمورنا له لجامعة!
فغضب طارق وقال : ستعلم يا أشتر أنّه غير ما قلت! ثمّ انطلق طارق فطرق على النجاشي لمّا جنّه الليل وتهامسا وتوافقا على المروق عن الإمام واللحوق بالشام ، وكذلك فعلا (٤)!
فلمّا اعلم معاوية بذلك أذن للناس إذنا عامّا ليعلم الناس بذلك ويفخر به ، وكان النجاشي جالسا بين يديه ولكنّه كان قصيرا صغيرا فاقتحمته عينه ولم يره
__________________
(١) البقرة : ٤٥.
(٢) المائدة : ٨.
(٣) الغارات ٢ : ٥٣٣ ـ ٥٣٩.
(٤) الغارات ٢ : ٥٣٩ ، ٥٤١.