عاملا الشام على العراقين :
وكان مع معاوية عمرو بن العاص وابنه عبد الله وقدم عليه المغيرة بن شعبة بعد وصول معاوية باثنتي عشرة ليلة (١) ، فاستعمل معاوية على الكوفة عبد الله بن عمرو ، فأتاه المغيرة وقال له : استعملت عبد الله بن عمرو على الكوفة وأبوه على مصر ، فتكون بين لحيي الأسد! فعزل عبد الله واستعمل المغيرة. وبلغ مقالة المغيرة لمعاوية إلى ابن العاص ، فدخل على معاوية وقال له : استعملت المغيرة على الكوفة؟ قال : نعم ، قال : أجعلته على الخراج والصلاة؟ قال : نعم ، قال : تستعمل المغيرة على الخراج فيغتال المال ويذهب فلا تستطيع أن تأخذ منه شيئا؟! استعمل على الخراج من يتّقيك ويخافك ويهابك! فحصر معاوية أمارة المغيرة في الكوفة في الصلاة فلقى المغيرة عمروا فسأله : أنت المشير على أمير المؤمنين! بما أشرت به في عبد الله؟ قال : نعم ، فقال : هذه بتلك (٢)!
ولما ولى معاوية المغيرة الكوفة دعاه فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال له : أما بعد .. فقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة ، وتركتها اعتمادا على بصرك بما يرضيني ويسدّد سلطاني ويصلح رعيتي ، ولكني لست أترك إيصاءك بخصلة : لا تحجم عن الترحّم على عثمان والاستغفار له وعن الإطراء على شيعة عثمان وإدنائهم والاستماع منهم. وعن شتم علي عليهالسلام وذمّه وعيب أصحابه وترك الاستماع منهم بل وإقصائهم!
فقال المغيرة : قد عملت قبلك لغيرك فلم يدمّ فيّ دفعا ولا رفعا ولا وضعا ، وستبلو فتحمد أو تذم. فقال معاوية : بل نحمد إن شاء الله!
فكانت مقالته (المكرّرة في خطبه) : اللهم ارحم عثمان بن عفان وتجاوز عنه ، واجزه ، بأحسن عمله ، فإنه عمل بكتابك واتّبع سنّة نبيك! وجمع كلمتنا
__________________
(١) الغارات ٢ : ٦٤٥.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ١٦٦ عن عوانة بن الحكم ، ولو كان ذلك فإنما لفترة لا دائما.