نعي الإمام إلى المدينة والشام :
وذهب بنعي الإمام عليهالسلام إلى الحجاز ابن أخي سعد بن أبي وقاص : سفيان بن عبد شمس الزهري ، فلما بلغ نعيه عائشة تمثّلت :
فألقت عصاها واستقرّ بها النوى |
|
كما قرّ عينا بالإياب المسافر |
ثمّ سألت عن قاتله فقيل لها : رجل من مراد ، فقالت :
فإن يك نائيا فلقد نعاه |
|
غلام ليس في فيه التراب |
وكانت زينب بنت أم سلمة حاضرة فقالت لها : ألعليّ تقولين هذا؟ فقالت : إذا نسيت فذكّروني. ثمّ تمثّلت :
ما زال إهداء القصائد بيننا |
|
باسم الصّديق وكثرة الألقاب |
حتّى تركت ، كأنّ قولك فيهم |
|
في كل مجتمع طنين ذباب (١) |
وأمّا نعيه عليهالسلام في الشام فقد بلغ نعيه معاوية وهو متّكئ في مجلسه ولعلّه لما به من علاج أليته ، فاستوى جالسا والتفت إلى مغنيته وقال لها : يا جارية غنّيني فاليوم قرّت عيني (٢).
ولعلّ هذا أثار أبا الأسود الدؤلي البصري فقال معرّضا به :
ألا أبلغ معاوية بن حرب |
|
فلا قرّت عيون الشامتينا |
قتلتم خير من ركب المطايا |
|
وأكرمهم ومن ركب السفينا |
__________________
(١) ذكر بعضه أو كله في الطبقات الكبرى ٣ : ٤٠ ، والموفّقيات : ١٣١ مسندا وأنساب الأشراف ٢ : ٤٠٧ ، ذيل الحديث ٥٩٩ وتاريخ الطبري ٥ : ١٥٠ ، ومقاتل الطالبيين : ٢٦.
(٢) تشييد المطاعن ٢ : ٤٠٩ ، وقد مرّ عن اليعقوبي أن قتله عليهالسلام كان في كانون الثاني أي في الشتاء ، وخلافا لذلك نقل ابن أبي الدنيا : أن معاوية جاءه نعي الإمام وهو مع امرأته في نوم قيلولة في ضحى يوم صائف! فاسترجع وقال : ما ذا فقدوا من الخير والعلم والفضل والفقه! وما فقدوا من سوابقه وعلمه وفضله ١ : ١٠٥ ، الحديث ٩٤.