فروى أبو مخنف الأزدي عن جندب الأزدي قال : لما أتيت بكتاب معاوية إلى الحسن بن علي عليهالسلام قلت له : إن الرجل سائر إليك ، فابدأ أنت بالمسير إليه حتى تقاتله في أرضه وبلاده وعمله. فقال : أفعل ، وقعد (١).
جاسوسا معاوية :
وفي أيام متقاربة اكتشف لمعاوية في العراقين الكوفة والبصرة عينان بصيران جاسوسان ، ودلّ على الذي في الكوفة وهو رجل من حمير الشام عند رجل قصّاب لبني جرير ، فأخذ الحميري وأمر الإمام الحسن عليهالسلام بقتله ، ثمّ كتب إلى معاوية :
«أما بعد ، فإنك دسست إليّ الرجال كأنك تحبّ اللقاء! وما أشك في ذلك ، فتوقّعه إن شاء الله ، وقد بلغني أنك شمتّ بما لا يشمت به ذوو الحجى ، وإنما مثلك في ذلك كما قال الأول :
وقال للذي يبقى خلاف الذي مضى |
|
تجهّز لأخرى مثلها ، فكأن قد |
وإنا ومن قد مات منّا لكالذي |
|
يروح ويغدو في المبيت ليغتدي» |
فأجابه معاوية : أما بعد ، فقد وصل كتابك وفهمت ما ذكرت فيه ، ولقد علمت بما حدث فلم أفرح ولم أحزن ولم أشمت ولم آس! وإنّ علي بن أبي طالب كما قال أعشى بني قيس :
وأنت الجواد وأنت الذي |
|
إذا ما القلوب ملأن الصدورا |
جدير بطعنة يوم اللقا |
|
ء ، تضرب منها النساء النحورا |
وما مزبد من خليج البحا |
|
ر يعلو الآكام ويعلو الجسورا |
بأجود منه بما عنده |
|
فيعطى الألوف ويعطى البدورا |
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٣٦ ـ ٣٧ ، وأشار إليه المفيد في الإرشاد ٢ : ١٠ ، وذكر بعضه المرتضى في تنزيه الأنبياء : ١٧٠ ، وتلخيص الشافي ٤ : ١٧٤.