فتكلم معاوية فقال : قد قلت وقلتم ، وإنه ذهبت الآباء وبقيت الأبناء ، فابني أحبّ إليّ من أبنائهم! مع أن ابني إن قاولتموه وجد مقالا! وإنما كان هذا الأمر لبني عبد مناف ؛ لأنهم أهل رسول الله ، فلما مضى رسول الله ولى الناس أبا بكر وعمر من غير معدن الملك ولا الخلافة! غير أنهما سارا بسيرة جميلة! ثمّ رجع الملك إلى بني عبد مناف! فلا يزال فيهم إلى يوم القيامة! فقد أخرجك الله منها يا ابن الزبير وأنت يا ابن عمر! وهذان ابنا عمي فليسا بخارجين من الرأي إن شاء الله! ثمّ أمر بعطياتهم وصلاتهم فلم يقطعها عنهم ، ثمّ أمر بالرحلة وانصرف راجعا إلى الشام ، وسكت عن الأمر فلم يعرض له حتّى سنة إحدى وخمسين (١).
وسمّ الإمام عليهالسلام :
روى الحلبي عن الصادق عليهالسلام : أنّ الحسن بن علي عليهماالسلام قال لأهل بيته : إنّي أموت بالسمّ كما مات رسول الله صلىاللهعليهوآله! فسألوه : ومن يسمّك؟ قال : امرأتي أو جاريتي! فقالوا له : فأخرجها من ملكك. فقال : ولو أخرجتها ما يقتلني غيرها أمرا واجبا (ثابتا) من الله وقضاء مقضيا منيّتي على يدها ما لي منها محيص ، هيهات من إخراجها (٢).
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ١٧٢ ـ ١٧٤ ، وجمهرة الخطب ٢ : ٢٣٣ ـ ٢٣٦ ، وانظر الغدير ١٠ : ٢٤٢ ـ ٢٤٤. ويبدو أنه حاول أن يغطّي مقصد سفرته هذه بلا حجّ ولا عمرة بحمل منبر النبي إلى الشام ، وحملوه ، فكسفت الشمس حتّى رؤيت النجوم نهارا ، فزعموها من ذلك فردّه وأمر فعمّر وزيد عليه ستّ مراقي فأصبح ذا تسع مراق ، كما في مروج الذهب ٣ : ٢٥ ـ ٢٦.
(٢) مناقب آل أبي طالب ٤ : ١١.