فقام عبد الله بن جعفر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أما بعد ، فإن هذه الخلافة إن اخذ فيها بالقرآن فاولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ، وإن أخذ فيها بسنة رسول الله فاولوا رسول الله أولى به ، وإن أخذ فيها بسنة! الشيخين أبي بكر وعمر فأيّ الناس أفضل وأكمل وأحق بهذا الأمر من آل الرسول؟ وايم الله لو ولّوه بعد نبيّهم لوضعوا الأمر موضعه لحقّه وصدقه ، ولاطيع الرحمن وعصي الشيطان ، وما اختلف في الأمة سيفان. فاتق الله ـ يا معاوية ـ فإنك قد صرت راعيا ونحن رعيّة ، فانظر لرعيتك فإنك مسئول عنها غدا!
وأما قولك في ابني عمّي وتركك أن تحضرهما ، فو الله ما أصبت الحقّ ولا يجوز لك ذلك إلّا بهما! وإنّك لتعلم أنّهما معدن العلم والكرم! فقل أو دع ، وأستغفر الله لي ولكم.
فتكلم عبد الله بن الزبير فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أمّا بعد ، فإنّ هذه الخلافة لقريش خاصة! تتناولها بمآثرها السنية وأفعالها المرضية ، مع شرف الآباء وكرم الأبناء! فاتّق الله يا معاوية وأنصف من نفسك ، فإنّ هذا عبد الله بن عباس ابن عمّ رسول الله ، وهذا عبد الله بن جعفر ذي الجناحين ابن عمّ رسول الله ، وأنا عبد الله بن الزبير ابن عمة رسول الله! وعليّ خلّف «حسنا وحسينا» وأنت تعلم من هما وما هما؟ فاتق الله يا معاوية وأنت الحاكم بيننا وبين نفسك. ثمّ سكت.
فتكلم عبد الله بن عمر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أما بعد ، فإنّ هذه الخلافة ليست بهرقليّة ولا قيصرية ولا كسروية يتوارثها الأبناء عن الآباء ، ولو كان كذلك لكنت القائم بها بعد أبي! فو الله ما أدخلني مع الستة من أصحاب الشورى إلّا على أن الخلافة ليست شرطا مشروطا! وإنما هي في قريش خاصة لمن كان لها أهلا ممن ارتضاه المسلمون لأنفسهم من كان أتقى وأرضى! فإن كنت تريد الفتيان من قريش فلعمري إن يزيد من فتيانها ولكنك تعلم أنه لا يغني عنك من الله شيئا.