محمد يستصرخ الإمام عليهالسلام :
وكأنّ محمدا لمّا رأى ما حلّ من القتل والفلّ برجال كنانة الكندي رأى ضرورة أن يرسل رجلا صريخا إلى الإمام عليهالسلام ، فأرسل عبد الله بن قعين إلى أمير المؤمنين يستصرخه لمحمد بن أبي بكر ، فأمر الإمام مناديه فنادى : الصلاة جامعة! فاجتمع الناس ، ، فصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ صلىاللهعليهوآله ثمّ قال :
أمّا بعد ، فهذا صريخ محمد بن أبي بكر وإخوانكم من أهل مصر ، وقد سار إليهم ابن النابغة عدوّ الله وعدوّكم ، فلا يكوننّ أهل الضلال إلى باطلهم والركون إلى سبيل الطاغوت ، أشدّ اجتماعا على باطلهم وضلالتهم منكم على حقّكم! فكأنّكم بهم وقد بدءوكم وإخوانكم بالغزو ، فاعجلوا إليهم بالمواساة والنصر.
عباد الله! إنّ مصر أعظم من الشام خيرا ، وخير أهلا ، فلا تغلبوا على مصر ، فإنّ بقاء مصر في أيديكم عزّ لكم وكبت لعدوّكم! اخرجوا إلى الجرعة (إلى الحيرة) لنتوافى كلّنا هناك غدا إن شاء الله.
ولمّا كان الغد خرج الإمام يمشي إلى الجرعة حتى نزلها بكرة ، فأقام بها حتى انتصف النهار وإنّما وافاه منهم مائة رجل! فرجع! (كما كان أمره معهم بعد عودتهم من النهروان في الشتاء).
فلمّا كان العشيّ بعث إلى الأشراف فجمعهم في القصر فدخلوا عليه وهو كئيب حزين ، فقال لهم :
الحمد لله على ما قضى وقدّر من فعله وابتلائي بكم ، أيّتها الفرقة التي لا تطيع إذا أمرت ولا تجيب إذا دعوت! لا أبا لغيركم! ما تنتظرون بنصركم ربكم والجهاد على حقّكم؟! الموت أو الذلّ لكم في هذه الدنيا في غير الحقّ! والله لئن جاءني الموت ـ وليأتيني ـ فليفرّقنّ بيني وبينكم وإنّي لصحبتكم لقال وبكم غير ظنين ، لله أنتم! ألا دين يجمعكم! ألا حميّة تغضبكم؟! ألا تسمعون بعدوكم ينتقص بلادكم