قال في ابن عامر أنه قدمها في آخر سنة إحدى وأربعين ، وإليه خراسان وسجستان ، فولّى حبيب بن شهاب الشامي شرطته ، واستقضى عميرة بن يثربي الضبّي. وحجّ بالناس في هذه السنة عتبة بن أبي سفيان أو أخوه عنبسة وجعل على مكة خالد بن العاص المخزومي ، وعلى المدينة مروان بن الحكم (١).
معاوية والروم :
وكأنّ الروم راموا اغتنام غياب أصحاب معاوية عن ثغر الشام فجمعوا جموعا كثيرة وأعدّوا منهم خلقا عظيما لذلك ، وعاد معاوية إلى الشام قبل نهاية العام فبلغه ذلك ، وخاف أن يشغله أمرهم عمّا كان يحتاج إليه من إحكام وإبرام وتدبير للأمور ، فوجّه إلى الروم فصالحهم على أن يقدّم لهم مائة ألف دينار! وذلك في أوّل سنة (٤٢ ه) (٢).
والشام أرض مقدّسة وهو كاتب الوحي :
روى الواقدي قال : لما عاد معاوية من العراق خطب فقال : أيها الناس ، إن رسول الله صلىاللهعليهوآله (كذا) قال لي : «إنك ستلي الخلافة من بعدي! فاختر الأرض المقدّسة! فإن فيها «الأبدال» وقد اخترتكم! فالعنوا «أبا تراب» فلعنوه!
وفي غده كتب كتابا ثمّ جمعهم فقرأه عليهم وفيه : «هذا كتاب كتبه أمير المؤمنين معاوية صاحب وحي الله (كذا) فكان الوحي ينزل على محمّد وأنا أكتبه وهو لا يعلم ما أكتب! فلم يكن بيني وبين الله أحد من خلقه!» فقال من حضره : صدقت يا أمير المؤمنين!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ١٧٠ ـ ١٧١.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢١٧ ، وانظر تاريخ خليفة : ١٢٥.