نعم كأنه لم يعلم بأنها هي التي قتلته بسمّ معاوية ، فعزّاها بشعره يخصّها بالرثاء والتأبين!
واجتمع «الشيعة» بالكوفة في دار سليمان بن صرد الخزاعي ومعهم بنو جعدة بن هبيرة المخزومي أبناء عمة الإمام المجتبى عليهالسلام ، فكتبوا إلى الحسين يعزّونه بمصابه بالحسن :
بسم الله الرحمنِ الرحيم ، للحسين بن علي ، من «شيعته وشيعة أبيه أمير المؤمنين ، سلام عليك ، فإنّا نحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو. أما بعد ، فقد بلغنا وفاة الحسن بن علي ، فالسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيّا وغفر الله ذنبه! وتقبّل حسناته وألحقه بنبيّه ، وضاعف لك الأجر في المصاب به وجبر بك المصيبة من بعده ، فعند الله نحتسبه ، و (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) ما أعظم ما اصيبت به هذه الامّة عامّة وأنت وهذه «الشيعة» خاصّة ، بهلاك ابن الوصي وابن بنت النبيّ ، علم الهدى ونور البلاد ، المرجوّ لإقامة الدين وإعادة سير الصالحين ، فاصبر رحمك الله على ما أصابك (إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) فإن فيك خلفا ممّن كان قبلك ، وإن الله يؤتي رشده من يهتدي بهديك ، ونحن «شيعتك» المصابة بمصيبتك ، المحزونة بحزنك والمسرورة بسرورك والسائرة بسيرتك والمنتظرة لأمرك شرح الله صدرك ورفع ذكرك وأعظم أجرك ، وغفر ذنبك وردّ عليك حقّك (١)!
وصفه وتاريخ وفاته :
وكتب إليه بنو عمته أم هانئ المخزوميون : أنهم قد لقوا من أنصارهم بالكوفة من يطمئن إلى قوله ويرضى هديه ويعرف بأسه ونجدته ، فأفضوا إليهم
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٢٨ وانفرد به بدون ذكر جواب عليه. والآية ١٧ من سورة لقمان.