فإذا فعل ذلك معكم وجبت طاعته عليكم بما يوافق الحق ، ونصرته على سيرته ، والدفع عن سلطان الله ... فكونوا له أعوانا ولدينه أنصارا (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها) ، (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)» (١).
مقدمة الجيش :
وفي النخيلة دعا زياد بن النضر وشريح بن هانئ الحارثيّين الهمدانيّين ، وهما كانا على مذحج والأشعريين ، فبعثهم في اثني عشر ألفا منهم مقدمة لجيشه ، كلّ منهما على طائفة منهم ، وأمرهما أن يأخذا في طريق واحد ولا يختلفا. وقال لخصوص زياد :
يا زياد ، اتق الله في كل ممسى ومصبح ، وخف على نفسك الدنيا الغرور ، ولا تأمنها على حال من البلاء ، واعلم أنّك إن لم تردع نفسك عن كثير مما يجب مخافة مكروهه ، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرّ ، فكن لنفسك مانعا وازعا من البغي والظلم والعدوان ، فإنّي قد ولّيتك هذا الجند ، فلا تستطيلنّ عليهم ، وإن خيركم عند الله أتقاكم ، وتعلّم من عالمهم وعلّم جاهلهم ، واحلم عن سفيههم فإنّك إنما تدرك الخير بالحلم وكفّ الأذى والجهل.
فقال زياد : يا أمير المؤمنين ، أوصيت حافظا لوصيّتك مؤدّبا بأدبك ، يرى الرشد في نفاذ أمرك ، والغيّ في تضييع عهدك!
__________________
(١) وقعة صفين : ١٢٦ ، والآيتان من الأعراف : ٨٥ والقصص : ٧٧. ثم روى نصر بسنده عن الأصبغ بن نباتة أنّه كان في معسكر النخيلة يهود وفيه لهم قبر كبير يدفنون موتاهم حوله فسأل الإمام عنهم فقالوا : هذا قبر هود النبي عصاه قومه فجاء إلى هنا فمات فقال عليهالسلام بل قبره في اليمن عند الجبل الأحمر على شاطئ البحر وهذا قبر يهوذا بن يعقوب ثم قال عليهالسلام : «يحشر من ظهر الكوفة (النجف) سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب».